للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوقف على بعض الذرية ابتداء وتحوله إلى ملك]

المفتي

حسن مأمون.

صفر ١٣٧٥ هجرية - ٢٩ سبتمبر ١٩٥٥ م

المبادئ

١ - الوقف على بعض الذرية ابتداء دون الوقف على نفسه واشتراط الواقف فيه لنفسه الشروط العشرة يكون له حق الرجوع فيه طبقا للمادة ١١ من القانون ٤٨ لسنة ١٩٤٦.

٢ - بوفاة الواقف بعد العمل بالقانون ١٨٠ سنة ١٩٥٢ يكون الموقوف تركة عنه لورثته الشرعيين ومنهم أولاده سواء فى ذلك من كان موقوفا عليه ومن لم يكن موقوفا عليه.

٣ - إذا كان له أولاد بنت توفيت قبله يكون لهم استحقاق فى الموقوف وغيره بطريق الوصية والواجبة.

٤ - شراء الواقف لباقى أولاده غير الموقوف عليهم مثل ما يوازى حقهم فى الوقف غير مانع من ميراثهم فى الموقوف الذى آل إلى ملك - كما لا يكون كون ذلك الشراء لهم مانعا من الرجوع فى الوقف لعدم ورود أى احتياط فى القانونين ٤٨ سنة ١٩٤٦، ١٨٠ سنة ١٩٥٢ فى مثل الحالة النادرة.

٥ - إقرار المورث بتوزيع تركته على هذه الصورة غرضه منه تحقيق العدالة بين أولاده جميعا ضمانا لعدم وقوع خلاف بينهم مستقبلا فهو تصرف أشبه بوصية وليس وصية حتى يأخذ حكمها لأنه إقرار لم تستوف شروطه الشكلية ولا القانونية الواردة بقانون الوصية.

٦ - توزيع المورث تركته على هذه الصورة حرص منه على تنفيذ ما أراده قبل وفاته وبعدها غير أن صدور القانون ١٨٠ سنة ١٩٥٢ كان عقبة فى تنفيذ هذه الرغبة المحمودية الجائزة شرعا.

٧ - قانون مراعاة العدالة والتعاطف والتراحم الخ هو الذى يوجب تنفيذ رغبة المورث وحده بطاعة جميع الورثة له وتنفيذ رغبته.

٨ - إذا رأى الورثة الأخذ بقانون العدالة فلا يكون هناك مانع من الأخذ بتوزيع مورثهم لتركته وديا مع غض النظر عما يعطيه القانون لبعضهم إرضاء لله ولرسوله وللناس.

٩ - إذا كانت هناك زيادة فى القيمة بين ما أوقف وصار ملكا وبين ما اشتراه المورث لباقى أولاده كانت الزيادة بمثابة وصية اختيارية تنفذ من ثلث جميع التركة دون إجازة باقى الورثة

السؤال

من السيد / الصاغ أركان حرب عبد الخالق صالح قال أوقف المرحوم السيد / صالح السيد محمد بتاريخ ٢٢ يولية سنة ١٩٢٢ أمام محكمة الإسكندرية الشرعية.

وتبين منه أنه وقف واحدا وعشرين قيراطا فى كامل أرض وبناء منزل بالإسكندرية وأنشأه على نفسه ثم من بعده على أولاده السيد ونبوية ودولت ونعمات وحياة ومن سيحدثه الله له من الذرية ثم من بعدهم على أولادهم وقفا مرتب الطبقات على الوجه الوارده به.

وشرط لنفسه فيه الشروط العشرة، وبمقتضاها غير فى وقفه هذا بإشهاد التغيير الصادر منه أمام محكمة السنطة الشرعية بتاريخ ٢٥ يوليو سنة ١٩٤٥ بأن اخرج وحرم أولاده الموقوف عليهم المذكورين وذريتهم نظرا واستحقاقا إخراجا وحرمانا كليين وأدخل بدلهم من تاريخ هذا الإشهاد أولاده يحيى وحسين وعصمت وماجدة ومن سيحدثه الله له من الأولاد بعد ذلك بالفريضة الشرعية.

ثم من بعدهم على أولادهم وذريتهم وقفا مرتب الطبقات إلى آخر ما جاء به واحتفظ لنفسه بحث الشروط العشرة وتكرارها فى هذا الوقف - أما ثانى كتابى وقفه فإنه صدر منه أمام محكمة طنطا الشرعية بتاريخ ٦ أكتوبر سنة ١٩٣٣ بوقف منزل بطنطا هو المبين به.

وأنشأه من تاريخ على أولاده محمد وعبد الخالق وإبراهيم وحسن وحفيظة المرزوقين له من زوجته الست سنية السيد يوسف، وجعل لهذه الزوجة الثمن والباقى لأولاده المذكورين للذكر ضعف الأنثى بشرط أن تبقى هذه الزوجة على عصمته إلى وفاته ولا تتزوج بعده بغيره، فإن حصل ذلك رد نصيبها لأصل الوقف، ثم من بعد كل من أولاده يكون نصيبه وقفا على أولاده وهكذا وقفا مرتب الطبقات.

وشرط لنفسه فى هذا الوقف أيضا الشروط العشرة.

كما اطلعنا على صورة غير رسمية من الإقرار الصادر منه بتاريخ ٢٦ يولية سنة ١٩٤٥ المتضمن أنه اشترى لابنه السيد صالح السيد من ماله الخاص منزلا بالمنصورة فى سنة ١٩٢٩ بمبلغ ألف جنيه وبنى به دورا آخر بألف جنيه وأنه أعطاه فى سنة ١٩٢٦ مبلغ ألف جنيه جنيه نقدا ليتجر فيها.

وقال وتركت له كل كذلك نظير ما يستحقه من تركتى بعد وفاتى، وفى سنة ١٩٣٤ اشترى أيضا من ماله الخاص اثنين وعشرين فدانا لبناته نبوية ودولت ونعمات وحياة وترك لهن الريع من يوم الشراء لكى ينتفعن به، وقال وقد اعتمدت على أن يكون هذا كله بصفة ميراث منى لهن فى حالة حياتى وبعد وفاتى - ثم قال ولى أولاد آخرون من زوجتى الست سنية السيد يوسف وهم بعد الخالف وحسن وإبراهيم وحفيظة ومحمد حسنى ويحى وحسين وعصمت واجدة وقد وقفت عليهم أملاكى الباقية وهى المنزل الكائن بطنطا وهو لعبد الخالق وحسن وإبراهيم ومحمد حسنى وحفيظة والمنزل الكائن بالإسكندرية وهو ليحيى وحسين وعصمت وماجدة.

وهذه القيمة نظير ما أخذه إخوتهم السابقون ولو أن هذه القيمة لا تساوى ما أخذه الآخرون شرعا ولكن ما تقدم كان فى حالة ميسرتى فى تجارتى وحيث أن تجارتى أوقفت فقد وقفت إلى ذلك ووقفت ذلك حفظا لحقوق أولادى من الست سنية السيد يوسف وذلك لتربيتهم وهذا اعتراف منى بذلك - وتبين من السؤال أن الواقف المذكور توفى بتاريخ ٢٣ يولية سنة ١٩٥٤ عن أولاده المذكورين جميعا ما عدا بنته نبوية التى توفيت قبله فى سنة ١٩٣٥ عن ذرية موجودين.

وطلب السيد السائل معرفة مصير الأعيان الموقفة بعد العمل بقانون إلغاء الوقف وهل تصير ملكا للاقف وإذا صارت ملكا له فهل أولاده غير الموقوف عليهم يرثون مع أخوتهم الموقوف عليهم فى الأعيان الموقوفة فى حالة اعتبارها ملكا للواقف وهل توزيع المتوفى لثروته فى حياته يعتبر تصرفا شرعيا يجب تنفيذه بعد وفاته أولا وما هى جهة الاختصاص التى يجب أن يحتكم إليها الطرفان فى هذا النزاع وهل يجوز الاستئناف فى الحكم الذى تصدره هذه الجهة أم لا

الجواب

أولا إن الوقفين المذكورين وهما وقف حصة منزل الإسكندرية ووقف منزل طنطا وإن كان الواقف لم يقفهما على نفسه ابتداء إلا أنه وقفهما على بعض ذريته واشترط لنفسه فى كليهما الشروط العشرة فيكون له حق الرجوع فيهما طبقا للمادة ١١ من قانون الوقف رقم ٤٨ لسنة ١٩٤٦.

وبصدور القانون رقم ١٨٠ لسنة ١٩٥٢ الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات يصير هذان الوقفان ملكا للواقف طبقا للمادة الثالثة منه، وبوفاة فى ٢٣ يوليو سنة ١٩٥٤ بعد العمل بالقانون المذكور يعتبران تركة عنه ويرثهما ورثته الشرعيون ومنهم جميع أولاده سواء فى ذلك الموقوف عليهم هذين الوقفين وغير الموقوف عليهم، وفى هذه الحالة يستحق أولاد بنته نبوية المتوفاة قبله وصية واجبة بمثل ما كانت تستحقه أمهم لو كانت موجودة وقت وفاته طبقا للمادة ٧٦ من قانون الوصية رقم ٧١ لسنة ١٩٤٦ ولا يمنع من ذلك شرؤه لباقى أولاده غير الموقوف عليهم ما يوازى حقهم فى هذين الوقفين من تركته لأنه تصرف منجز مباح ومنفصل عن الوقف ولا علاقة له به وللواقف تمام الحرية فيه.

وهو كذلك ليس من موانع حق الرجوع فى الوقف المنصوص عليها المادة المذكورة - كما أن القانونين المذكورين لم يحتط فيهما لمثل هذه الحالة النادرة.

ثانيا إن إقرار المورث المذكور بتوزيع تركته غرضه فيه واضح بين وهو تحقيق العدالة بين أولاده لضمان عدم وقوع الخلاف بينهم وخشية أن يطغى فريق منهم على فريق آخر وخاصة أنهم جميعا غير أشقاء وفيهم القاصر وغير القاصر فهو تصرف أشبه بوصية وليس بوصية حتى يأخذ حكمها.

فهذا التوزيع كان المورث يحرص كل الحرص على تنفيذه قبل وفاته وبعدها لولا صدور قانون إلغاء الوقف المذكور الذى قام عقبة فى تنفيذ هذه الرغبة، ولا شك أنها رغبة محمودة وجائزة شرعا عند كثير من الفقهاء، وهو الذى اخترته المادة ١٣ من قانون الوصية المذكور.

إلا أن هذا الإقرار لم يستوف الشروط الفقهية ولا الشروط القانونية التى جاءت بالمادة المذكورة وغيرها من مواد هذا القانون.

فلا يمكن والحالة هذه تنفيذ ما جاء به لا من الناحية الفقهية ولا من الناحية القانونية، ولا يوجد ما يوجب تنفيذه إلا شىء واحد وهو قانون مراعاة العدالة والتعاطف والتراحم والمودة بين الإخوة والوفاء من الأولاد الموهوب لهم لمورثهم، ويظهر ذلك فى طاعتهم له بتنفيذ رغبته خضوعا لإرادته وعرفانا بجميله وإرضاء له سيما وأن الذين سيلحقهم الجوار أغلبهم قصر.

فإذا توفرت هذه الصفات المحمودة بين الورثة فإنا نرى بعد التجاوز عن القيود القانونية والفقهية، وإذا ثبت لديهم أن هذا الإقرار صاد عن مورثهم فإنه لا مانع من الأخذ به بهذا التوزيع وديا تلبية لداعى العدالة وإرضاء للضمير ومراعاة لما ذكر مع غض النظر عما يعطيه القانون من حقوق للموهوب لهم من الورثة.

وفى ذلك إرضاء لله ورسوله والناس.

وحينئذ تعطى الأعيان التى كانت موقوفة لمن كانت موقوفة عليهم من ذريتهم ويعطى الآخرون الأعيان التى اشتريت لهم.

فإذا زادة قيمة ما أعطى لفريق عما أعطى لفريق آخر كان مجموع هذه الزيادة كأنه وصية اختيارية تنفذ من ثلث جميع التركة دون توقف على إجازة باقى الورثة طبقا للمادة ٣٧ من قانون الوصية المذكور وفى هذه الحالة يقوم أولاد نبوية مقام أمهم ويستحقون نصيبها - ثالثا بعد أن بينا حكم هذه الحادثة من الناحية القانونية فى البند الأول فلا داعى إذن لرفع الأمر إلى القضاء لأن الحل الوحيد المنتج هو ما ذكرناه فى البند الثانى.

ومن هذا يعلم الجواب عن الأسئلة والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب

<<  <  ج: ص:  >  >>