للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوقف بورقة عرفية ومصادقة الورثة]

المفتي

عبد المجيد سليم.

جمادى الآخرة ١٣٦٠ هجرية - أول يولية ١٩٤١ م

المبادئ

١ - الورقة العرفية بانشاء الوقف والتى وجدت بعد وفاة المورث، تعتبر حجة شرعية بالوقف، قبل صدور قوانين المحاكم الشرعية.

٢ - إذا أنكر الورثة - عند الخصومة أمام القضاء - حصول الوقف أو الإقرار به، فلابد حنيئذ لسماع دعوى القوف من إشهاد شرعى.

٣ - أولاد الواقف المقرون بالوقف يعامل كل منهم بقدر نصيبه فى الوقف ما لم توجد دلالة أقوى شرعا من دلالة الإقرار على كذبهم فيه.

٤ - الناظر إذا كان مستحقا ومقرا مع المقرين ومنع أولاد المتوفى من حقهم الذى أقر به كان ظالما وللمحمة النظر فى شأنه

السؤال

من السيدة نبيلة حسين قالت ما رأيكم دام فضلكم فى رجل يدعى أحمد أفندى توفى عن تركة مكونة من أعيان وأطيان، وقبل وفاته كتب ورقة عرفية وجدت بعد الوفاة ووجد بها أنه أوقف هذه الأعيان والأطيان على نفسه وأولاده من الظهور ولأولاد البطون، والنظر من بعده للأرشد من أولاده وأولاد أولاده من الظهور دون البطون، فنرجو مراجعة صورة حجة الوقف العرفية المؤرخة ٥ شوال سنة ١٣٣٢ ولما كانت هذه الورقة عرفية ولم يتم أحمد أفندى عزب عمل الإشهاد الشرعى وتوفى قبل ذلك اتفق الورثة على عدم المصادقة على الوقف لعدم صدور حجة شرعية به، وعرضوا المر على المحكمة الشرعية التى قضت بتاريخ ٢٧ أغسطس سنة ١٩١٧ بقيام الوقف ونفاذه نظرا لاعتراف الورثة بصدور الورقة العرفية من المورث، وأصدرت بعد ذلك المحكمة الشرعية بتاريخ ١٠ سبتمبر سنة ١٩١٧ قرارا باقامة وزارة الأوقاف ناظرة على الوقف، إلا أن الورثة عدا المرحوم إبراهيم أفندى عزب زوج مقدمته.

رفعوا دعوى أمام المحكمة الشرعية باتفاقهم مع إبراهيم أفندى عزب ورفعت الدعوى عليه وعلى وزارة الأوقاف ولم يحضر إبراهيم أفندى عزب وطلب باقى الورثة الحكم بوفاة مورثهم وبوراثتهم واستحقاقهم لتركته فقضت المحكمة بتاريخ ٢٧/٢/١٩١٨ بعدم سماع دعوى الإرث لاعتراف الورثة بصدور الوقف من المورث، وبتاريخ ١٤ سبتمبر سنة ١٩١٩ تعاون جميع الورثة وكان ذلك بعد أن استلمت وزارة الأوقاف جميع الأطيان واتفقوا فيما بينهم بموجب عقد على أنه إذا توفى أحد الورثة إلى رحمة مولاه ذكرا أو أنثى يحل ورثته أى أولاده من ذكور وإناث محله فيما يخصه من ريع الوقف، وأنه لا يصح لأحدهم أن يعدل عن هذا الاقرار، وإذا حصل تعديل فيدفع الجميع بطريق التضامن والتكافل من مالهم الخاص قيمة ما كان يستحقه أحدهم فى الوقف إلى ورثة من يتوفى منهم، وقد اعتمدت وزارة الأوقاف هذا الإقرار مدة تنظرها وصرفت لورثة المستحقين ذكورا وإناثا ممن توفى والدهم.

ولما كان جميع المستحقين رشحوا إسماعيل أفندى عزب وهو من أولاد المورث ليحل محل وزارة الأوقاف فى النظر فقد قضت المحكمة بنظره على الوقف وحرر على نفسه شرطا وقعه جميع المستحقين معه باقرار الاتفاق الأول الذى سبق أن نفذته وزارة الأوقاف، واستمر يسلم الناظر استحقاق أولاد مقدمته لها إلى أن امتنع عن ذلك منذ ثلاث سنوات كما امتنع عن إعطاء أى مبلغ من غلة الأعيان غلى أولاد المتوفين من المستحقين مما دعا مقدمته إلى الحصول على إقرار جديد من جميع مستحقى الوقف بتأييد الإقرار الأول المؤرخ ١٤ سبتمبر سنة ١٩١٩.

لهذا التمس من فضيلتكم التكرم باصدار فتوى شرعية فى هذه المسألة، وهى هل تعتبر الورقة العرفية التغير مسجلة والغير ثابتة فى أى سجل من سجلات الوقف حجة شرعية صحيحة بقيام الوقف من عدمه، وإذا اعتبرت كذلك فهل يغير الإقرار المأخوذ لصالح جميع ورثة أحمد أفندى عزب وبالأمر لصالح ورثة من يتوفى منهم إقرارا باستحقاقه فى الوقف، وينبنى على ذلك استحقاق أولادى لنصيب والدهم فيما ورثه عن والده الواقف، وهل يجوز للناظر المتفق على تعيينه أن يخل بهذا الشرط، وهل يعتبر هذا الإخلال بعد الاعتراف بالاستحقاق مخالفة لما اشترطت وقيامه خيانة يجوز الرجوع عليه بنتيجتها

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده اطلعنا على هذا السؤال وعلى الأوراق المرافقة التى منها صورة من الورقة التى وجدت بعد وفاة المورث المؤرخة ٥ شوال سنة ١٣٣٢ الموقع عليها بامضاء الواقف والتى منها أيضا صورة من إقرار أولاد المورث بصدور الوقف من الواقف وبتوزيع الاستحقاق.

ونفيد.

أولا أن هذه الورقة التى وجدت بعد وفاة المورث تعتبر حجة شرعية بالوقف قبل صدور قوانين المحاكم الشرعية، ولكن هل تطبق المادة ١٣٧ من قانون اللائحة الشرعية التى شرطت فى سماع دعوى الوقف أو الإقرار به - وجود إشهاد ممن يملكه على يد حاكم شرعى فى الوقف أو الإقرار به هذا موضع النظر - قد ذهب بعض المحاكم إلى هذه المادة لا تطبق فى هذه الحالة لأنها حالة إقرار بعض المحاكم إلى أن هذه المادة لا تطبق فى هذه الحالة لأبنها حالة إقرار لا حالة إنكار والمادة إنما شرطت وجود هذا الإشهاد عند الإنكار.

ومن المحاكم من يرى أن الإنكار من المادة هو الإنكار أمام القضاء عند الخصومة فتتناول المادة ما إذا أقر المورث أو ورثته من غير إشهاد إذا أنكروا عند الخصومة حصول الوقف أو الإقرار به.

وعلى هذا فلا بد حينئذ لسماع دعوى الوقف من هذا الاشهاد، وهذا الرأى ما نميل إليه فى فهم المادة، وهذا كله ما لم يكن قد اعترف الورثة بصدور الوقف من المورث أمام القضاء عند الخصومة فإنه لا يحتاج إلى هذا الإشهاد من غير شلك.

ثانيا إن إقرار أولاد الواقف الموه عنه فى السؤال يعامل به المقرون كل فى نصيبه، ما لم يوجد ما يدل دلالة أقوى من دلالة الإقرار على كذبهم فى هذا الإقرار شرعا، فهو حجة على المقرين فقط لا على من لم يقر وحينئذ يكون أولاد من توفى من أولاد الواقف مستحقين لنصيب والدهم بعد وفاته.

ثالثا إن الناظر إذا كان مستحقا وصدر منه هذا الإقرار مع المقرين ومنع أولاد من توفى من حقهم الذى أقر به إقرار صحيحا لم يتبين كذبه كان هذا المنع ظلما منه، وكان للمحكمة أن تنظر فى شأنه.

هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال.

والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>