للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اسقاط الواقف حقه فى الشروط العشرة]

المفتي

عبد المجيد سليم.

جمادى الآخرة ١٣٤٨ هجرية - ٢٦ نوفمبر ١٩٢٩ م

المبادئ

١ - الشروط العشرة من الحقوق التى تسقط بالإسقاط.

٢ - لا حق للواقف فى استعمال أى من الشروط العشرة بعد إسقاطه لها

السؤال

فى رجل وقف وقفا بمقتضى حجة شرعية صادرة بتاريخ ٢ أكتوبر سنة ١٩١١ من محكمة ضواحى مصر الشرعية وشرط لنفسه فيه الشروط العشرة المعروفة، وأن يفعل تلك الشروط كلها أو بعضها ويكررها مدة حياته، ثم بعد ذلك صدر منه إشهاد من محكمة الزبكية الشرعية بتاريخ ٨ يناير سنة ١٩٢٢ بتغييره بما له من الشروط المذكورة فى الإنشاء والشروط على الوجه المبين بها.

وأقر بتنازله عن الشروط العشرة التى كانت مشروطة له فى هذا الوقف بأن قال (وقد تنازل الواقف المذكور عن الشروط العشرة التى كانت مشورطة له فى هذا الوقف) ثم بعد ذلك صدر منه إشهاد بمحكمة مصر الشرعية بتاريخ ٥ أغسطس سنة ١٩٢٨ بالتغير فى إنشاء شروط الوقف المدونة بحجتى الوقف والتغيير المذكورين بما له من الحق فى الشروط العشرة، وإن كان قد تنازل عنه، لأن هذا التنازل لا يمنع من بقاء تلك الشروط فى هذا الوقف، وسمع منه الإشهاد على علاته تحت مسئوليته وعلى عهدته وأبطل وألغى ما يخالف ما غيره بهذا الإشهاد مما هو مبين بالحجتين السابقتين.

ثم بعد ذلك صدر منه إشهاد بتاريخ ٢٧ يونيه ١٩٢٩ بإخراجى أنا ابنه درويش على من الوقف ويجعل نصيبى لباقى إخوتى وأخواتى بما له من الشروط العشرة التى يزعم أن له حقا فيما زعما عن تنازله عنها.

فأرجو التفضل بالجواب عما إذا كان له شرعا الحق فى الشروط العشرة المذكورة أم لا بعد أن تنازل عنها بموجب الحجة الصادرة من محكمة الأزبكية الشرعية فى يوم ٨ يناير ١٩٢٢ ومرافق لهذا ثلاث صورة حجج متعلقة بهذا الوقف

الجواب

قد اطلعنا على هذا السؤال وما معه من إشهادات التغيير المذكورة به.

ونفيد بأنه قد اختلف العلماء فى الشروط العشرة أتسقط بالإسقاط أم لا.

فذهب بعضهم إلى أنه لا ستقط بالإسقاط على ما جاء فى البيرى على الأشباه، وذهب بعض إلى أنها تسقط بالإسقاط، وقد اضطرب صاحب البحر فى ذلك، فذهب فى البحر والأشباه إلى أنها تسقط بالإسقاط اعتمادا على أنها من الحقوق والأصل فى الحقوق أن تسقط الإسقاط إلا فى حقوق استثناها الفقهاء ليس ما معنا منها، وذهب فى رسالته التى ألفها فى بيان ما يسقط من الحقوق وما لا يسقط إلى أنها لا تسقط بالإسقاط حيث قال وينبغى أن يلحق بوقف المدرسة المذكورة فى فتاوى قاضيخان كل شىء يتعلق بالوقف، وهى مسائل منها أن بعض ذرية الواقف المشروط له الاستحقاق إذا أسقط حقه لغيره لا يسقط، وله أن يأخذه إلى أن قال ومنها غذا شرط الواقف لنفسه الإدخال والإخراج إلخ أو شرطه لغيره فأسقط حقه من ذلك الشرط ينبغى أن لا يسقط فيعمل بذلك إلا أن يوجد نقل يخالفه فيجب اتباعه) .

ومن ههنا اضطربت المحاكم الشرعية فى أحكامها فتارة تحكم بأن حق الشروط العشرة لا يسقط بالإسقاط وتارة تحكم بأنه يسقط بالإسقاط وعلى هذا جرت أخيرا المحاكم الابتدائية الشرعية والمحكمة العليا، ونحن نقول إنها تسقط بالإسقاط اعتمادا على ما قاله هلال إذ جاء فى كتابه ما نصه (قلت أرأيت إن قال أرضى صدقة موقوفة على بنى فلان على أن لى أن أعطى غلتها من شئت منهم قال فالوقف على ذلك جائز وله أن يعطى غلتها من شاء منهم.

قلت أرأيت إن قال لا اشء أن أعطى أحدا منهم قال فالوقف جائز والغلة لهم جميعا.

قلت ولم قلت ذلك قال لأنه لما قال صدقة موقوفة على بنى فلان كان هذا جائزا فلما قال على أن أعطى غلتها من شئت فذلك جائز فلما قال لا أشاء أن أعطى منهم أحدا فكأنه لم يشترط لنفسه منها مشيئة لأنه قد أبطل مشيئته وكأنه قال صدقة موقوفة على بنى فلان وسكت فهى لهم وذلك جائز) .

وقال فى موضع آخر ما نصه (قلت ارأيت إن قال صدقة موقوفة لله تعالى أبدا على أن أعطى غلتها من شئت من بنى فلان قال فذلك جائز وهو على ما قال، قلت فإن قال لا أشاء أن أعطى من غلتها أحدا منم ولكنى أعطيها غيرهم قال فقد بطلت مشيئته فى إعطائهم، وليس له أن يعطيها غيرهم والوقف جائز وهو على الفقراء والمساكين) .

وقد ذكر فى كتابه هذا غير ما ذكرنا مما يدل على ان حق الإدخال والإخراج وما عطف عليهما من الحقوق التى تقبل السقوط بالإسقاط وأنها داخلة فيما هو الأصل فى الحقوق من قبولها السقوط بالإسقاط.

وأما ما قاله صاحب البحر فى الرسالة من قياس كل ما تعلق بالوقف ومنه ما إذا شرط الوقف لنفسه الإدخال والإخراج إلخ على ما قاله قباضيخان من أن من كان فقيرا من أهل المدرسة يكون مستحقا للوقف استحقاقا لا يبطل بالإبطال فهو قياس غير صحيح مع وجود هذه النصوص التى ذكرناها عن هلال وقياس لهم يظهر أنه ليس متفقا عليه بين علماء الحنفية إذ جاء فى الفتاوى الهندية نقلا عن الذخيرة ما نصه (فإن أخذ الغلة سنة ثم قال لا أقبل ليس له ذلك ولا يعمل رده.

قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى هذا الجواب صحيح فى حق الغلة المأخوذة لأنها صارت ملكا له فلا يملك رده، وأما الغلة التى تحدث بعد هذا فلا ملك له فيها إنما الثابت فيها مجرد الحق مجرد الحق يقبل الرد) .

ومن ههنا علم أن حق الإدخال والإخراج ما عطف عليهما من الحقوق التى تسقط بالإسقاط، وعلم أن الواقف المذكور فى السؤال ليس له حق فى التغييرين اللذين صدرا منه بعد تنازله عن الشروط العشرة وإسقاطه إياها، وحينئذ يكون كل من هذين التغيرين لاطلا لصدوره ممن لا يملكه.

وهذا ما ظهر لنا. والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>