للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقف استحقاقى وخيرى]

المفتي

عبد الرحمن قراعة.

ربيع الأول ١٣٤٤ هجرية - ١٥ نوفمبر ١٩٢٥ م

المبادئ

١ - لا يجوز إنفاق مال البدل فى عمارة الوقف إلا بإذن القاضى وللضرورة وبشرط أن يحصل من الريع مثل ما أنفق ويشترى بها عين بدل ما استبدل ولا تكون هذه العين ملكا للموقوف عليهم ولا إرثا عنهم.

٢ - بموافقة الناظر الحسبى الناظر الأصلى على تصرفاته تكون مسئوليته عما يقع من تلك التصرفات مخالفا للشرع أو لشرط الواقف قائمة

السؤال

من مصطفى أفندى بما صورته - وقف المرحوم إسماعيل أفندى راغب وقفا بموجب كتاب وقف صادر من محكمة مصر الشرعية بتاريخ ٢٢ الحجة سنة ١٣٠٧ هجرية وشرط الواقف المذكور فى وقفه هذا شروطا حث عليها وأكد العمل بها فوجب المصير إليها منها أن الناظر على ذلك والمتولى عليه يبدأ من ريع ذلك باصلاح الأطيان المذكورة وعمارة ترميم ما بها من المبانى وما فيه البقاء لعين ذلك والدوام لمنفعته ولو صرف فى ذلك جميع غلته ومنها أن يدفع ما على ذلك من الأموال لجهة الميرى حسب المربوط ومنها أن يصرف من ريع ذلك بعد وفاة الواقف المذكورة فى كل سنة من سنى الأهلة مبلغا قدره خمسة آلاف قرش صاغ أو ما يقوم مقام ذلك من النقود على ما يبين فيه فما يصرف فى مصالح ومهمات وإقامة الشعائر الإسلامية بزاوية الواقف المذكور المعروفة بانشائه وتجديده الكائنة بناحية كفر إسماعيل أفندى المذكور فى كل سنة مبلغ قدره ستماية قرش من ذلك ويكون صرف ذلك بمعرفة من يكون ناظرا على هذا الوقف وما يصرف فى وجوه خيرات وصدقات وقراءة قرآن عظيم الشأن وتفرقة خبز قرصة وسبيل ماء عذب ورمى خوص وريحان على تربة الواقف المذكور التى سيدفن بها فى أيام الجمع والأعياد على العادة فى ذلك وفى عمل ست عشرة ختمة شريفة فى كل سنة بمنزل الواقف المذكور المرقوم أو بمنزل سكن الست كلفدان المذكورة إحداها فى ليلة العاشوراء وهى ليلة العاشر من شهر محرم والثانية فى ليلة مولده صلى الله عليه وسلم وهى ليلة الثانى عشر من شهر ربيع الأول الأنور والثالثة فى ليلة معراجه الشريف وهى ليلة السابع والعشرين من شهر رجب والرابعة فى ليلة النصف من شهر شعبان وعشرة منها فى ليالى شهر رمضان المعظم والخامسة عشرة فى ليلة عيد الفطر والسادسة عشرة فى ليلة عيد الأضحى وفيما يلزم لقراءة الست عشرة ختمة من المأكل والمشرب والوقوف وغير ذلك مبلغ قدره الفا قرش ويكون صرف ذلك فى الخيرات المشروحة أعلاه بحسب ما تراه الست كلفدان المذكورة ويؤدى إليه اجتهادها حينئذاك ثم من بعد وفاتها بتولى صرف ذلك من يكون ناظرا على ذلك وما يصرف للست كلفدان وحسن أفندى حسنى المذكورين نظير تعاطيهما شئون الوقف المذكور وإذارة أموره وقبض ريعه وتقسيمه على مستحقيه فى كل سنة مبلغ ألفان وأربعمائة قرش باقى ذلك بالسوية بينهما ثم من بعد أحدهما فللآخر منهما ثم من بعدهما فلمن يكون ناظرا على هذا الوقف زيادة عما يستحقه فيه ومنها أن كل من استدان من الموقوف عليهم المذكورين بدين ولم يسدده لدائنيه وترتب على ذلك عزم الدائن أو من ينوب عنه على توقيع الحجز على أعيان الوقف المذكور يكون المديون من أهل هذا الوقف مخرجا ومبعدا ومطرودا ومحروما من استحقاقه فى هذا الوقف ولا حق له فيه بوجه من الوجوه مطلقا من قبل العزم على توقيع الحجز على هذا الوقف بخمسة عشر يوما ويكون نصيب المخرج من هذا الوقف بسبب ذلك مضافا لباقى هذا الوقف وملحقا به ويصرف له منه نفقته الشرعية إن كان محتاجا لها بمعرفة الناظر على هذا الوقف فإن لم يكن محتاجا لها فلا يصرف له من نصيبه شىء ما دام مديونا فإن سدد دينه لأربابه ولم يتبق عليه شىء منه يعود مستحقا فى هذا الوقف ويصرف إليه نصيبه كما كان أولا.

ومنها أن النظر على هذا الوقف والولاية عليه من تاريخه لنفس الواقف المذكور مدة حياته ثم من بعده لابنه حسن أفندى حسنى المذكور ثم من بعده لابنه إبراهيم أفندى رشدى المذكور ثم من بعده لابنه محمد أفندى توفيق المذكور ثم من بعده يكون النظر على ذلك للأرشد فالأرشد من أولاد الواقف المذكور ثم للأرشد فالأرشد من أولادهم وذريتهم ونسلهم طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل بحسب ترتيب طبقاتهم من كل طبقة مستحقة لذلك على النص والترتيب المشروحين بهذه الحجة إلى حين انقراضهم أجمعين يكون النظر على ذلك لمن يكون ناظرا على الحرمين الشريفين المشار إليهما حينذاك ثم لمن يلى وظيفته وهلم جرا وعند أيلولة ذلك للفقراء والمساكين من المسلمين فلمن يقرره فى ذلك حاكم المسلمين الشرعى بمصر حينذاك.

ومنها أن الواقف المذكور جعل زوجته الست كلفدان المذكورة من بعد وفاته ناظرة حسبية على كل من يكون ناظرا أصليا على هذا الوقف بحيث انه لا يتولى فعل شىء من أمور الوقف المذكور إلا باطلاعها ومباشرتها وإذنها له بفعل وإجراء ذلك مدة حياتها وجميع ما ذكر مدون بصورة كتاب الوقف الرسمى من السطر الثانى عشر بالصفحة الثامنة إلى نهايتها ومن السطر الأول بالصفحة التاسعة إلى السطر الثانى والعشرين منها.

وقد توفى الواقف المذكور وتولى النظر الأصلى ابنه حسن أفندى حصنى وتولت النظر الحسبى زوجة الواقف الست كلفدان كشرط الواقف السالف ذكره ثم توفى الناظر الأصلى حسن أفندى حسنى المذكور وتولى النظر ابن الواقف محمد أفندى توفيق لأن أخاه إبراهيم أفندى رشدى المشروط له النظر بعد حسن أفندى حسنى توفى قبل والده إسماعيل أفندى راغب الواقف المذكور ثم توفى محمد أفندى توفيق فى شهر نوفمبر سنة ١٩١٥ وتولى النظر بعده وزارة الأوقاف من أوائل سنة ١٩١١ بقرار محكمة مصر الشرعية لعدم صلاحية أحد من أولاد الواقف للنظر على الوقف فى ذاك الوقت.

وفى ٢٨ فبراير سنة ١٩٢٤ قررت محكمة مصر الشرعية العليا تنظر عبد القادر أفندى راغب ابن الواقف وابن الست كلفدان الناظرة الحسبية الحالية وهو الناظر الموجود حالا وأثناء تنظر حسن أفندى حسنى المذكور احتاجت الحكومة المصرية لجزء من أطيان الوقف بجهة كفر إسماعيل الوقف التابع لناحية دهمشا مركز بلبيس بمديرية الشرقية وقدره خمسة أفدنة وعشرة قراريط وستة عشر سهما لمرور مصرف سندنهور لأجل المنافع العمومية وقد استبدل حضرة قاضى أفندى محكمة الزقازيق الشرعية فى ١٨ يولية سنة ١٨٩٩ هذه الأطيان فى نظير مبلغ ١٨٥ جنيها مائة وخمسة وثامانين جنيها مصريا وأذن حضرته حسن أفندى حسنى ناظر الوقف المذكور بحضور الست كلفدان الناظرة الحسبية الذكورة فى قبض المبلغ المذكور من خزينة مديرية الشرقية لمشترى عقار أو أطيان به لجهة الوقف المذكور بمعرفته وبمعرفتها (أى بمعرفة الناظر والناظرة) بما فيه الحظ والمصلحة لجهة الوقف وقبل حسن أفندى حسنى من حضرة القاضى هذا الإذن بحضور الست كلفدان المذكورة قبولا شرعيا واعترف حسن أفندى حسنى بقبض البدل المذكور من خزينة المديرية بحضور الست كلفدان المذكورة وثبت ذلك بحضور من ذكر بعد أن رضيت وأقرت الست كلفدان المذكورة على ذلك كله وثابت ذلك فى سجل مبايعات محكمة الشرقية الشرعية المحفوظة بدفتر خانة المحكمة ص ١٠١ مسلسلة حصر وهى مسجلة فى يوم الخميس ٢٧ يوليه سنة ١٨٩٩ الموافق ١٩ ربيع أول سنة ١٣١٧ رقم ٢١٧ مسلسلة ونمرة ٥٨ صحيفة بعد أن قبض حسن أفندى حسنى الناظر مبلغ ١٨٥ جنيها قيمة الاستبدال بحضور الناظرة الحسبية الست كلفدان المذكورة ورضائها كما تقدم اتفق الاثنان على عمل عزبة وساقية بهذا المبلغ بزراعة الوقف بكفر إسماعيل أفندى بزمام دهمشا بمركز بلبيس بمديرية الشرقية لضرورة ذلك فى ذلك الوقت وهذا الاتفاق حصل بينهما كتابة برضائهما ورضاء المستحقين فى الوقف وعدم معارضة أحد من المستحقين لهما فى ذلك (ولكن كان هذا الاتفاق بدون إذن القاضى الشرعى) واتفقا أيضا على خصم هذا المبلغ من استحقاق المستحقين تدريجيا وبعد خصمه وتمام تحصيله يشتريان به عينا تضم لجهة الوقف وفعلا تم إنشاء العزبة والساقية بالزراعة المذكورة وفى سنة ١٩٠٠ توفى حسن أفندى حسنى الناظر المذكور قبل أن يحصل هو والناظرة الحسبية الست كلفدان هذا المبلغ من المستحقين حسب الأنفاق المنوه عنه ثم تولى النظر محمد أفندى توفيق (وهو محمد بك توفيق لكونه أخذ رتبة البكوية) فوضع محمد بك توفيق الناظر المذكور والست كلفدان الناظرة الحسبية المذكورة أيديهما على أوراق ودفاتر الوقف وضمنها الاتفاق الذى حصل بشأن تحصيل مبلغ المائة وخمسة وثمانين جنيها وأخذا يديران أمور الوقف وشئونه كشرط الواقف المبين بهذا الاستفتاء وفعلا قد حصلا المبلغ من نفسيهما بصفتهما مستحقين فى الوقف ومن باقى المستحقين وضمنهم أولاد حسن أفندى حسنى الناظر الأول كل مستحق بمقدار ما يخصه فى هذا المبلغ وتم التحصيل فى سنة ١٩٠٤ بمعرفة الناظر والناظرة المذكورين وبقى المبلغ فى ذمة محمد بك توفيق الناظر المشرفة عليه الناظرة الحسبية المشتركة معه فى إدارة شئون الوقف ولم يشتر به عينا لجهة الوقف وقصرت الناظرة الحسبية مع ما لها من السلطة عليه فى تكليفه بشراء عين به من سنة ١٩٠٤ إلى ١٦ يونية سنة ١٩١٥.

وفى ١٧ يونيه سنة ١٩١٥ أنذرت أنا بصفتى متسحقا فى الوقف الناظرة الحسبية الست كلفدان انذارا رسميا عن يد محضر من محكمة الخليفة الجزئية الأهلية ذكرتها فيه (لئلا تكون ناسية) بأن الناظر حجز مبلغ ١٨٥ جنيها من استحقاق المستحقين حال تنظره وهو قيمة الأطيان التى بيعت للحكومة من أعيان الوقف لاستعمالها فى المنافع العمومية ولم يشتر بهذا المبلغ عينا يضمها لأعيان الوقف بدل المباعة ولما لهذه المسألة من الأهمية طلبت منها فى هذا الانذار أن تشترك مع الناظر فى مشترى عين بهذا المبلغ وإن لم يتيسر وجود عين الآن بالمبلغ المذكور فيجب وضعه فى خزينة محكمة مصر الشرعية الكبرى وإيداعه فيها باسم الناظر واسم الناظرة المذكورين على ذمة مشترى العين ويسعيان معا فى البحث عن عين مناسبة لمشتراها ووصل هذا الإنذار الرسمى إلى الست كلفدان الناظرة الحسبية وصار فى علمها عدم شراء الناظر عينا بالمبلغ ولكنها لم تهتم ولم تقم بشئون وظيفتها المخولة لها بكتاب الوقف المشار إليها آنفا فأهملت وقصرت ولم تكلف الناظر بشراء العين إلى أن توفى محمد بك توفيق الناظر فى شهر نوفمبر سنة ١٩١٥ المذكور أى بعد نحو خمسة أشهر من تاريخ إنذارى للناظرة الحسبية الست كلفدان.

ولما توفى الناظر محمد بك توفيق وضعت الست كلفدان الناظرة الحسبية يديها على دفاتر وأوراق ومستندات وكمبيالات ونقود الوقف وثابت ذلك بمذكرة رسمية بدفتر أحوال قسم السيدة بمصر بنمرة ٣٧ فى ٢٣ نوفمبر سنة ١٩١٥ ونظرا لعدم صلاحية أحد من المستحقين للنظر على الوقف قررت محكمة مصر الشرعية تنظر وزارة الأوقاف عليه واستلمت الوزارة أعيان الوقف بعد مشاغبات كبيرة من الناظرة الحسبية الست كلفدان التى لم تسلم للوزارة دفاتى واوراق ومستندات وكمبيالات ونقود الوقف وباقية عندها للآن واستمرت وزارة الأوقاف فى إدارة شئون الوقف مع الناظرة الحسبية لغاية ٢٨ فبراير سنة ١٩٢٤ وهو اليوم الذى قررت فيه المحكمة العليا الشرعية تنظر ابنها عبد القادر على الوقف وقد استلمه من الوزارة وهو الناظر الحالى مع والدته الست كلفدان الناظرة الحسبية المذكورة وبعد أن تولى عبد القادر أفندى راغب النظر مع والدته أرادا أن ينتقما من ورثة حسن أفندى حسنى الناظر الأول فطلب عبد القادر أفندى راغب المذكور من ورثة حسن أفندى حسنى دفع مبلغ ١٨٥ جنيها ثمن الأطيان المباعة للمنافع العمومية بناء عليه.

ما قولكم دام فضلكم يا فضيلة المفتى فيما يأتى. هل الست كلفدان الناظرة الحسبية مع ما لها من الإشراف والسلطة الكافية المبينة بكتاب الوقف والمذكورة بهذا الاستفتاء ومع حصول إنذارها رسميا بوضع مبلغ ١٨٥ جنيها بخزينة محكمة مصر الشرعية لشراء عين به تضم لجهة الوقف مسئولة الآن عن هذا المبلغ وعن تصرفات حسن أفندى حسنى الناظر الأول ومحمد بك توفيق الناظر الثانى أم لا وعن نتيجة تصرفاتهما أم لا أرجو من فضيلتكم الإجابة عن هذا السؤال بما يطابق نصوص الشرع الشريف مع الاحاطة بأن الوقائع والحوادث التى ذكرتها بهذا الاستفتاء هى تحت مسئوليتى وملزم شخصيا باثباتها أمام جهة الاختصاص إذا لزم ذلك.

والذى أطلبه الآن هو إفتائى شرعا عما بينته بهذا الطلب وتفضلوا بقبول فائق الاحترام

الجواب

بالاطلاع على هذا السؤال وجد أنه يتضمن الاستفتاء عن كون الست كلفدان الناظرة الحسبية مسئولة عن تصرفات الناظر الأصلى على هذا الوقف بالكيفية المفصلة بسؤاله بشأن مبلغ البدل البالغ قدره ١٨٥ جنيها الذى قبضه الناظر الأصلى بحضورها وانفاقه فى بناء عزبة وساقية زراعة الوقف برأيهما لضرورة ذلك فى ذلك الوقت إلى آخر ما ذكره - ومن حيث ان إنفاق مال البدل فى عمارة الوقف لا يجوز إلا بإذن القاضى للضرورة بشرط أن يحصل من الريع مثل ما أنفق ويشترى به عين بدل ما استبدل كما نص على ذلك صاحب الفتاوى المهدية بصحيفة (٥٢٥) من الجزء الثانى نقلا عن فتاوى اللطفى ونصه (وقد تصرف أى دراهم البدل فى عمارة الوقف الضرورية بإذن قاض يملك ذلك ويستوفى من غلة الوقف بعد العمارة ليشترى بها ما يكون وقفا كالأول ولا تكون ملكا للموقوف عليهم ولا إرثا) - وحيث ان الناظرة الحسبية وافقت الناظر الأصلى على تصرفاته المنسوبة إليه فتكون مسئولة عما يقع من تلك التصرفات مخالفا للشرع أو لشرط الواقف - وحيث إنه يظهر أن الناظرة الحسبية هنا هى أيضا ناظرة أصلية لقول الواقف (وما يصرف للست كلفدان وحسن أفندى حسنى نظير تعاطيهما شئون الوقف المذكور وإدارة أموره وقبض ريعه وقسمته على مستحقيه فى كل سنة الخ) فإن هذا يدل على أنها شريكة فى النظر الأصلى مع الناظر الآخر الذى عينه الواقف ولا يمنع من ذلك التعبير عنها بالناظرة الحسبية فى موطن آخر من كتاب الوقف لأن المدار على المعانى لا على الألفاظ.

بناء على ذلك تكون المسئولية فى هذا التصرف بغير إذن القاضى وفى هذا المبلغ واقعة عليهما معا وتقديرها موكول إلى القضاء بعد تحقق صحة الوقائع هذا ما ظهر لنا والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>