للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقف استحقاقى]

المفتي

عبد المجيد سليم.

ذو القعدة ١٣٥٥ هجرية - ١٦ يناير ١٩٣٧ م

المبادئ

١ - قول الواقف (ما عسى أن يتزايد لها من أولاد) نقل للاستحقاق فى الوقف إلى أولاد زوجته الموقوف عليها من بعدها، سواء كانوا من الواقف أو من زوج آخر اعتبار بعموم هذا اللفظ أو بإطلاقه، إذ لم يرد فى شرط الواقف ما يخصصه أو يقيده.

٢ - المستحق بعد الموقوف عليها هو ابنها من الزواج الآخر، لا إخوتها

السؤال

من على أفندى قال تزوج السيد أبو شملة أحمد ولد الطاهر بالسيدة عريبى بنت العربى باشا ابن والى وحبس ووقف جميع ما يملكه من العقار الكائن بمزارع عرش أولاد الأكرد وغيرها مما يتبعه من كافة المنافع والمرافق والحقوق وكذا جميع ما يعتبر منقولا على اختلاف أنواعه على زوجته المذكورة عريبى بنت والى، وعلى ما عسى أن يتزايد لها من أولاد وأولادهم وأولاد أولادهم وأعقابهم وأعقاب أعقابهم ما تناسلوا وامتد فروعهم فى الإسلام فإذا انقرضوا على آخرهم ولم يوجد لها عقب رجع ذلك إلى أقرب الناس - بالمحبس عليها يوم الرجع ثم على أعقابهم وأعقاب أعقابهم ما تناسلوا.

وإذا انقرض العقب أو الذرية رجع ذلك حبسا على زاوية الوالى الصالح سيدى عبده الكائنة بعرش أولاد الأكرد.

وقد احتفظ الواقف بغلة الموقوف لنفسه مدة حياته.

ثم توفى الواقف المذكور السيد أبو شملة أحمد دون أن يعقب من زوجته المذكورة العريبى بنت الوالى، وانتقلت الأعيان الموقوفة بجميع مشتملاتها وغلاتها إلى الزوجة، ثم اقترنت الزوجة بزوج آخر هو السيد غلام الله ورزقت منه بغلام ذكر اسمه الشيخ وتوفيت على أثر ذلك، فتقدم شقيق المتوفاة العريبى محمد قائد بلدة شهرت وأخوه وإخوته وادعوا أنهم أصبحوا هم المستحقين لريع الوقف المذكور، لأن الواقف السيد أبو شملة عندما نص على أنه حبس ما يملك على زوجته وعلى ما عسى أن يتزايد لها من الأولاد كان يقصد بالطبع الأولاد الذين ترزق بهم زوجته منه لا من زوج أجنبى بعد وفاته - وإذن، فإن الولد الذى رزقت به الموقوف عليها من هذا الزوج الأجنبى يعتبر كأن لم يكن، وتعتبر الموقوف عليها كأنها توفيت دون عقب، وقد نص فى الوقف على أنه إذا توفيت الموقوف عليها دون عقب فإن الموقوف يرجع إلى أقرب الناس إليها، وهؤلاء هم إخوتها الأشقاء، وقد عارض زوج المتوفاة السيد غلام الله فى ذلك وادعى أن الموقوف بمشتملاته قد أصبح حقا لولده من المتوفاة طبقا لنص الوقف فهل يئول الوقف المذكور استحقاق إلى ولد الزوجة المذكورة المسمى الشيخ بعد وفاتها أم إلى إخوتها المذكورين.

أفتونا بالجواب ولفضيلتكم الأجر والثواب، ومرفق بهذا صورة الإشهاد الشرعى للوقف

الجواب

اطلعنا على هذا السؤال وعلى صورة غير رسمية من إنشاء الواقف المشار إليه الصادر منه لدى المحكمة فى السابع عشر من شهر صفر الخير سنة أربعين وثلثمائة وألف الموافق السابع عشر من شهر أكتوبر سنة إحدى وعشرين وتسعمائة وألف.

ونفيد بأن الظاهر لنا أنه لا استحقاق لإخوة زوجة الواقف المذكورة مع وجود ولدها المذكور وذلك لأن قول الواقف (ما عسى أن يتزايد لها من أولاد) إما من قبيل العام الذى هو حجة قطعية فى إقراره مالم يوجد مخصص صالح للتخصيص يخصصه أو من قبيل المطلق الذى يبقى على إطلاقه مالم يوجد ما يقيده وليس فى كلامه ما يخصصه إن كان من قبيل العام، ولا ما يقيده إن كان من قبيل المطلق، كما أنه ليس فى عبارة هذا الواقف ما يدل على أن غرضه عدم استحقاق من ترزق به هذه الزوجة من غيره حتى يعتبر هذا الغرض مخصصا.

وقول الفقهاء إن غرض الواقف يصلح مخصصا للعام محله ما إذا كان لفظه يساعد على تعرف هذا الغرض ألا يرى أنهم رجحوا أن لفظ الاستحقاق والمشاركة يحملان على ما بالفعل لأنه المتبادر فيكون حقيقة فيه والحقيقة لا تنصرف عن مدلولها لمجرد غرض لم يساعده اللفظ.

وإذا كانت عبارة هذا الواقف باقية على عمومها أو على إطلاقها كان قوله فيما بعد فإذا انقرضوا على آخرهم ولم يوجد لها عقب رجع ذلك إلى أقرب الناس بالمحبس عليها يوم الرجع باقيا على عمومه فلا يكون لإخوتها استحقاق قبل انقراض ذريتها وعدم وجود عقب لها أصلا ويؤيد ما قلناه أن الظاهر من عبارة هذا الواقف من جعل الوقف إلى أقرب الناس إلى زوجته عند انقراض ذريتها وعدم وجود عقب لها دون أن يجعله فى هذه الحالة غلى أقرب الناس إليه أن الحامل له على هذا هو ما بينه وبين زوجته من المودة والعلاقة، وإذا كان الحامل له هو المودة والعلاقة التى بينهما فليس ببعيد أن يكون غرضه الوقف على أولادها ولو من غيره باعتبار أنهم أولادها إرضاء لها وتوثيقا لما بينهما من العلاقة لا من حيث إنهم أولاد الأجنبى على أنه لو فرض أن مراد الواقف من عبارة (ما عسى أن يتزايد لها من أولاد) خصوص أولادها من الواقف لم يكن هذا الوقف مع عدم وجود أولاد لها من الواقف لإخوتها بل يكون لأقرب الناس إليها وأقرب الناس إليها هو ولدها فقد جاء فى الخصاف (أنه لو قال الواقف على أقرب الناس منى أو قال إلى فالولد هو أقرب الناس إليه) - نعم لو قال الواقف على أقرب قرابة إلى لم يدخل ولده فى الوقف لأنه لا يصدق عليه كلمة قرابة وبعيد أن يكون المراد من أقرب الناس إليها وهو عام قطعى الدلالة أيضا خصوص من ليس من ذريتها من غير الواقف، لأنه ليس فى عبارة الواقف ما يساعد على أنه أراد ذلك، والخلاصة أن الذى ظهر لنا أن المستحق الوحيد الآن لفاضل ريع هذا الوقف هو ابن الزوجة المذكورة وأنه لا استحقاق لأحد من إخوتها.

هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذكر بالسؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>