للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أكل لحم الآدمى]

المفتي

جاد الحق على جاد الحق.

صفر ١٤٠٠ هجرية ١٦ يناير ١٩٨٠ م

المبادئ

١ - أكل لحم الآدمى معصوم الدم أو مباحه بعد قتله محرم شرعا ولو عند الضرورة.

٢ - أكل لحم الآدمى الميت محرم شرعا إلا عند الضرورة على خلاف فى ذلك بين الفقهاء وبشروط معينة.

٣ - طعام أهل الكتاب غير الذبائح حلال ولا شىء فيه.

أما ذبائحهم فما تأكد أنه ذكر عليها اسم غير الله لا يحل أكله.

وعند عدم العلم بذلك فيحل أكله لحديث (سم وكل)

السؤال

بالطلب المقدم من أ.

ع المتضمن أن السائل يطلب بيان حكم الشرع فى الأمرين الآتيين: ١ - سمع السائل من بعض العلماء أن لحم الإنسان مباح أكله عند الضرورة.

فهل هذا صحيح وما هى هذه الضرورة. ٢ - ما هو الرأى فى طعام أهل الكتاب مع العلم بأن الذبح عندهم غير شرعى

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده.

عن السؤال الأول اتفق الفقهاء جميعا على عدم جواز قتل الآدمى الحى وأكله عند الضرورة حتى ولو كان مباح الدم كالحربى والمستأمل والزانى المحصن، لأن تكريم الله سبحانه وتعالى لبنى آدم متعلق بالإنسانية ذاتها فتشمل معصوم الدم وغيره، أما أكل لحم الآدمى الميت.

فاختلف فيه الفقهاء. فقال الحنفية على ما جاء فى الدر المختار للحصكفى وحاشية رد المحتار لابن عابدين فى الجزء الخامس إن لحم الإنسان لا يباح فى حال الاضطرار ولو كان ميتا لكرامته المقررة فى قوله تعالى {ولقد كرمنا بنى آدم} الإسراء ٧٠، وبهذا أيضا قال الظاهرية.

وقال المالكية.

إنه لا يجوز أن يأكل المضطر لحم آدمى إذا كان ميتا. وأجاز الفقه الشافعى والزيدى أن يأكل المضطر لحم إنسان ميت بشروط منها ألا يجد غيره، وفى الفقه الحنبلى أن لحم الإنسان الميت لا يباح أكله عند الضرورة وهناك قول آخر بالإباحة بالإباحة ورحجه ابن قدامة فى المغنى.

والذى نختاره للإفتاء هو قول الحنفية والظاهرية وبعض فقهاء المالكية والحنابلة القائلين بعدم جواز أكل لحم الآدمى الميت عند الضرورة لكرامته.

والضرورة هى دفع الهلاك وحفظ الحياة.

وعن السؤال الثانى طعام أهل الكتاب إن كان لا يحتاج إلى زكاة أى ذبح فلا خلاف بين العلماء فى حل أكله.

أما ذبائح أهل الكتاب وهم النصارى واليهود فقد قال الشوكانى فى تفسيره لآية {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} المائدة ٥، قال الطعام اسم لما يؤكل ومنه الذبائح.

وذهب أكثر العلماء إلى تخصيصه هنا بالذبائح وفى هذه الآية دليل على أن جميع طعام أهل الكتاب من غير فرق بين اللحم وغيره حلال للمسلمين وإن كانوا لا يذكرون على ذبائحهم اسم الله وتكون هذه الآية مخصصة لقوله تعالى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} الأنعام ١٢١، وظاهر هذا أن ذبائح أهل الكتاب حلال وإن ذكر اليهودى اسم عزير على ذبيحته وذكر النصرانى على ذبيحته اسم المسيح.

وإليه ذهب ابن الدرداء وعبادة بن الصامت وابن عباس والزهرى وربيعة والشعبى ومكحول.

وقال على وعائشة وابن عمر إذا سمعت الكتابى يسمى غير الله فلا تأكل - وهذا هو قول طاووس والحسن وتمسكوا بقوله تعالى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} ويدل عليه أيضا قوله تعالى {وما أهل لغير الله به} المائدة ٣، وقال مالك إنه يكره ولا يحرم.

ثم قال وهذا الخلاف ينصب على ما إذا علمنا أن أهل الكتاب ذكروا اسم غير الله على ذبائحهم، أما مع عدم العلم فقد حكى الطبرى وابن كثير الإجماع على حلها لهذه الآية - ولما ورد فى السنن من أكله صلى الله عليه وسلم من الشاة المصلية التى أهدتها إليه اليهودية.

وهو فى الصحيح وغير ذلك. وعلى هذا فطعام أهل الكتاب غير الذبائح حلال ولا شىء فيه - أما ذبائحهم فما تأكد أنه ذكر عليها اسم غير الله لا يحل أكله، وعند عدم العلم بذلك فيحل أكله لحديث سم وكل والله سبحانه وتعالى أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>