للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تصرف الزوجة فى مالها]

المفتي

حسنين محمد مخلوف.

جمادى الثانية ١٣٦٥ هجرية - ١٤ مايو ١٩٤٦ م

المبادئ

للمرأة الرشيدة التصرف فى مالها كله ولا حقق لزوجها فيه.

وفى رواية عن أحمد أنه ليس لها التصرف فى مالها بزيادة عن الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها

السؤال

من محمد أسعد قال: ١- هل أموال الزوجة حسب الشريعة الإسلامية مستقلة عن أموال الزوج.

٢- وهل للزوج الحق فى أى إشراف أو مراقبة على أموال زوجته.

٣- وهل فى حالة وفاة الزوجة للزوج أكثر من نصيبه الشرعى المحدد فى القانون من عدمه حسب الشريعة الإسلامية

الجواب

اطلعنا على هذا السؤال وإليك الجو اب ذهب أبو حنيفة والشافعى وابن المنذر وأحمد فى إحدى الروايتين إلى أن للمرأة الرشيدة التصرف فى مالها كله بالتبرع والمعاوضة ولا حق لزوجها فيه، ولا يملك الحجر عليها فى تصرفها فيه كلا أو بعضا.

فلا فرق فى ذلك بينها وبين الرجل الرشيد وذهب أحمد فى الرواية الأخرى إلى أنه ليس لها التصرف فى مالها بزيادة عن الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها لما رواه ابن ماجه أن امرأة كعب ابن مالك أتت النبى صلى الله عليه وسلم بحلى تريد التصدق به فقال لها لا يجوز للمرأة عطية حتى يأذن زوجها، فهل استأذنت كعبا فقالت نعم فبعث إليه فقال هل أذنت لها أن تتصدق بحليها.

قال نعم فقبله النبى صلى الله عليه وسلم.

ولما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى خطبة خطبها لا يجوز لا مرأة عطية إلا بإذن زوجها إذ هو مالك عصمتها ولأن حق الزوج متعلق بمالها والعادة أن الزوج يزيد فى المهر من أجل مالها ويبسط فيه وينتفع به - وقد استدل الجمهور بقوله تعالى {فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} النساء ٦، وهو ظاهر فى فك الحجر عن اليتامى وإطلاق أيديهم فى التصرف ذكورا كانوا أو إناثا متى أنس رشدهم.

ومتى وجب دفع ماله إليه لرشده جاز له التصرف فيه من غير إذن وأجابوا عن حديث ابن ماجه بأنه ضعيف وعن حديث أبى داود بأنه مرسل.

ومع ذلك فهو محمول على النهى عن تبرعها من مال زوجها وأما تبرعها من مالها فليس محمل النهى بدليل أنه يجوز لها التبرع بالثلث فأقل من مالها بدون إذن للزوج، وليس هناك ما يدل على التحديد بالثلث بل هو تحكم ليس فيه توقيف ولا عليه دليل انتهى من المغنى للامام ابن قدامه الحنبلى بتصرف وزيارة.

وما ذكر من أن للزوج حقا فى مالها غير مسلم، وما جرت به العادة من تبسطه فى مالها فهو من تسامح الزوجات فى حقوقهن مبالغة فى إرضاء الأزواج وسبيل إلى حسن المعاشرة لا تقرير لحقهم فى أموالهن.

وقد أفاد فى المغنى أن مذهب الإمام مالك يتفق مع الرواية الأخرى عن أحمد وبيانه كما فى الشرح الكبير لأبى البركات الدردير وحاشية الدسوقى عليه أن الزوجية من أسباب الحجر على الزوجة الحرة الرشيدة فى تبرعها لغير زوجها بأزيد من ثلث مالها فإذا تبرعت به لغيره كان لزوجها رد الجميع لحمله على قصدها إضرار زوجها فعوملت بنقيض قصدها وله إمضاؤه وله رد الزائد على الثلث وهذا بخلاف المريض إذا تبرع بزائد على الثلث فليس للوارث رد الجميع بل رد الزائد عن الثلث فقط أو إجازة الجميع.

والفرق بين الزوجة والمريض من جهة أخرى أن الزوجة قادرة على إنشاء ما أبطله الزوج بعد مدة وهى نصف عام على.

قول أصبغ وابن عرفة بخلاف المريض وما لم يحصل من الزوج رد فتبرعها جائز ماض.

وأما تبر عها بالثلث فأقل محجور عليها فيه إذ قصدت به ضرر زوجها على ما اختاره ابن حبيب.

وغير محجور عليها فيه ولو قصدت به إضراره عند ابن القاسم.

وإنما كانت الزوجية موجبة للحجر فيها ذكر لأن المقصود من ما لها تجمل الزوجة به فحجر الشارع عليها لأجله وبذلك جاز لها التبرع لزوجها بما شاءته ولو بكل مالها انتهى بتصرف وإيضاح وظاهر أن هذه العلة تقتضى الحجر مطلقا فكيف ساغ جواز التبرع بالثلث فأقل بدون إذن عند ابن القاسم مطلقا وعند ابن حبيب إذا لم تقصد إضرار الزوج على أن جعل الزوجية من أسباب الحجر على الزوجة وسليها حريتها فى التصرف فى مالها والذهاب إلى أن المقصود من مالها تجمل الزوجة به وبسطه يده فى إنفاقه من شأنه أن يبغض الأبيات من الزوجات فى الزواج والأزواج ويبت حبل المودة بينهما ويفتح أبوابا من الشر والنزاع بين الزوجين لحرص الزوجة بطبيعة كونها مالكه على إطلاق يدها فى مالها الذى تملكه وحرص الزوج بدافع غريزة حب المال على حجرها ليبسط يده فيه فى حياتها ويدخره ميراثا له بعد وفاتها كما أن من شأنه أن يجعل الزوج هو المتصرف فى مالها وذلك يغرى راغبى الزواج بالكلف بذوات الأموال للانتفاع العاجل بها والإعراض عمن عداهن وإن كن ذوات حسب ودين.

وفى ذلك ما لا يخفى من الفساد الاجتماعى والبعد عن المقاصد الأصلية للنكاح.

وصفوة القول أن مذهب الجمهور أقوى، دليلا وأوضح سبيلا وهو الذى جرى عليه القضاء الشرعى منذ قرون ولا تزال المحاكم الشرعية مقيدة به طبقا للمادة ٢٨٠ من المرسوم بقانون رقم ٧٨ سنة ١٩٣١ وهو أعدل وأقوم وخاصة فى هذه الأزمنة الأخيرة ومن هذا يتضح الجواب عن السؤالين الأول والثانى - وأما الجواب عن السؤال الثالث فهو أن للزوج من تركة زوجته المتوفاة النصف فرضا عند عدم الولد وولد الابن وإن نزل والربع فرضا مع الولد وولد الابن وإن نزل والله أعلم.

ے

<<  <  ج: ص:  >  >>