للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القرآن كتاب علمى]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل القرآن كتاب علمى، أو كتاب يقوم على العلم ولا يتناقض معه عبر العصور؟

الجواب

التعبير بكتاب علمى أو كتاب يقوم على العلم من التعبيرات الاصطلاحية التى يفسرها واضعوها حسب ما يتفقون عليه، وبعيدا عن ذلك أقول:

القرآن كتاب علمى بمعنى أنه يعلم الناس ما يهمهم من أمور دينهم ودنياهم، وذلك معنى الهداية التى جاءت فى قوله تعالى {إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم} الإسراء: ٩، وقوله {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين! يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم} المائدة: ١٥، ١٦،.

أما أن يكون القرآن كتابا علميا بمعنى أنه يعلم الناس العلوم كالطب والهندسة والرياضة والجغرافيا والطبيعة والكيمياء، فليس ذلك من مهمته، وإنما مهمته فى هذه الناحية أن يأمر بالتعلم والتعليم لكل ما يمكن أن يستفيد منه الناس فى أمور الدين والدنيا، وأن يضع الآداب، التى تجعل العلم يستخدم فى المصلحة. والقرآن ملىء بالآيات التى تدعو إلى العلم وترفع شأن العلماء الذين يبتغون الخير من علمهم، بصرف النظر عن مادة العلم ما دام الهدف خيرا.

ومن الآيات التى تبين ذلك قوله تعالى {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود. ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ} فاطر: ٢٧، ٢٨،.

فهذا رفع لقدر العلماء فى كل المجالات المتقدمة فى الآيتين، علماء الفلك والطبيعة الكيمياء والنبات وطبقات الأرض والحيوان والطب والهندسة والاجتماع والتاريخ. .. . . . لأنهم عند إنصافهم وتعمقهم فى هذه العلوم سيدركون أن وراء هذا الخلق البديع سرا كبيرا، وأن قوة أخرى فوق المادة هى التى صنعت هذا الكون وسيَّرته حسب النواميس الثابتة. وتلك هى قوة الله تعالى، وكم من علماء فى هذه المجالات آمنوا بوجود الله بعد كفرهم به [اقرأ كتاب: (الله يتجلى فى عصر العلم) ، الذى ألفه الباحث الدينى الاجتماعى "جون كلوفر مونسما"] .

وأما كون القرآن يقوم على العلم ولا يتناقض معه فى كل العصور والأزمان فتلك حقيقة لا شك فيها، بمعنى أن كل ما جاء فيه من أمور يقال عنها إنها علمية فهى صادقة، لأنها من صنع الله، والحقائق العلمية من صنع الله، أما النظريات التى لا ترتقى إلى درجة الحقيقة فهى من صنع البشر، قد تصدق فتكون مطابقة لما عند الله، وقد تكذب فتخالفه، وهنا لا يجوز مطلقا أن نفسر القرآن بالنظريات، وإنما نفسره بالحقائق لتوضيح ما فيه، والموضوع طويل لا يتسع المجال لشرحه، يمكن الرجوع إليه فى كتابنا "دراسات إسلامية لأهم القضايا المعاصرة "

<<  <  ج: ص:  >  >>