للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الأنعام]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما هو فضل قراءة سورة الأنعام،وهل صحيح أنها نزلت كلها مرة واحدة؟

الجواب

فى تفسير ابن كثير حديث رواه الحاكم فى مستدركه وقال صحيح على شرط مسلم، أن جابرا رضى الله عنه قال: لما نزلت سورة الأنعام سبَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال "لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سَدَّ الأفق " وروى مثله ابن مردويه عن أنس، وروى ابن مردويه عن الطبرانى عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "نزلت علىَّ سورة الأنعام جملة واحدة، وتبعها سبعون ألفا من الملائكة، لهم زجل بالتسبيح والتحميد ". وجاءت روايات عن ابن عباس أنها نزلت بمكة ليلا جملة واحدة.

وفى تفسير القرطبى مثل ذلك وأنها ليست كلها مكية، فقد نزلت آيتان أو ست آيات بالمدينة، وأن البخارى روى عن ابن عباس قوله:

إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} إلى قوله {وما كانوا مهتدين} ورجح القرطبى أنها نزلت مرة واحدة لأنها كانت فى محاجة المشركين وغيرهم من المبتدعين والمكذبين بالبعث والنشور.

ولم يذكر فى فضل قراءتها أو قراءة شىء منها إلا حديثا ذكره الثعلبى عن جابر مرفوعا "من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الأنعام وكَّل الله به أربعين ألف ملك يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة، وينزل ملك من السماء السابعة ومعه مِرْزَبَّة من حديد، فإذا أراد الشيطان أن يوسوس له أو يوحى فى قلبه شيئا ضربه فيكون بينه وبينه سبعون حجابا " فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى "أمْشِ فى ظلى يوم لا ظل إلا ظلى، وكُلْ من ثمار جنتى واشرب من ماء الكوثر، واغتسل من ماء السلسبيل، فأنت عبدى وأنا ربك ".

ومن أجل فضل قراءتها بهذا الحديث الذى لم تعرف درجته، ومن أجل نزولها فى كوكبة من الملائكة مرة واحدة-حرص بعض الناس على قراءتها على الموتى عدة ليال، بل حرصوا على قراءتها فى الركعة الأخيرة من التراويح فى الليلة السابعة من شهر رمضان أو غير السابعة، وسئل الإمام النووى عن ذلك، فقال: لم يثبت نزول الأنعام دفعة واحدة، ولو ثبت فلا دلالة فيه لهذا الفعل - قراءتها فى التراويح - لأن فيها تطويلا على المأمومين، وفيها إيهام بأنها سنة، وينبغى الإنكار على ذلك، لصحة الأحاديث فى النهى عن محدثات الأمور وفى أن كل بدعة ضلالة، ولم ينقل هذا الفعل عن أحد من السلف وحاشاهم، والله أعلم " المسائل المنثورة للنووى-المسألة رقم ٥٠ ".

بعد هذه النقول عن سورة الأنعام نرى الأحاديث فى فضلها وفى كونها نزلت مرة واحدة لم رد بطريق صحيح، ومع ذلك لا ننكر فضل قراءة القرآن من أية سورة وبأى قدر، فإن الأحاديث فى ذلك كثيرة، أما التزامها بالذات على القبر ولأيام معدودة، فليس عليه دليل معتبر، إلى جانب خلاف الفقهاء فى انتفاع الميت بهذه القراءة أو عدم انتفاعه وقد بينا ذلك فى موضعه

<<  <  ج: ص:  >  >>