للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث: ليس الإيمان بالتمنى]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

نريد توضيح معنى القول المأثور، ليس الإيمان بالتمنى، وهل هو حديث صحيح؟

الجواب

أثر عن الحسن البصرى أنه قال: ليس الإيمان بالتمنى ولكن ما وقر فى القلب وصدقه العمل، وإن قوما خرجوا من الدنيا ولا عمل لهم وقالوا: نحن نحسن الظن بالله وكذبوا، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل.

إن هذا الأثر ليس حديثا مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم كما قال المحققون، وإنما هو من كلام الحسن البصرى، ومعناه صحيح، وهو أن الإيمان الذى يكرم الله به المؤمن وينجيه من النار ليس مجرد كلمة يقولها بلسانه دون عمل، وليس أمنية يتمناها ترفع بها درجته عند ربه، فما أهون الكلام المجرد عن عمل يصدقه، وما أكثر الأمانى عند المفلسين من كنز العمل الصالح وهذا يلتقى مع الحديث "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى" رواه الطبرانى وأحمد والترمذى وقال: حسن "الجامع الصغير للسيوطى".

لو أحسن هؤلاء الظن بالله لاستعدوا للقائه بالعمل الصالح الذى أمرهم به، فهو القائل {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} التوبة:١٠٥، وقد حدث أن بعض أهل الكتاب تناقشوا مع بعض المؤمنين،كل يدعى أن الفضل له دون الأخر، فنزل قوله تعالى {ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا. ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا} النساء: ١٢٣،١٢٤.

فالمدار كله على العمل المبنى على الإيمان وحسن الظن بالله، ولا يغتر أحد بما يقول بعض الشعراء:

لخدمت على الكريم بنير زاد * سوى الإخلاص والقلب السليم فحمل الزاد أقبح ما يكون * إذا كان القدوم على كريم فالإفراط فى الرجاء الذى ينفى الخوف يسلم إلى الكسل ويهود الحيلة، وعلماء التوحيد يقولون:

وغلب الخوف على الرجاء * وسر لمولاك بلا تناء "انظر: فيض القدير على الجامع الصغير للمناوى رقم ٧٥٧٠ وتفسير القرطبى ج ١٠ ص ٦٠٠"

<<  <  ج: ص:  >  >>