للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأحاديث النبوية]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما معنى الحديث المتواتر وما حكم من ينكره، وهل كل ما فى البخارى ومسلم يجب تصديقه ويحرم عدم الأخذ به؟

الجواب

الحديث المتواتر هو ما يرويه جمع يحيل العقل فى العادة تواطؤهم على الكذب، وذلك فى كل طبقة من ابتداء الرواية إلى من تلقوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عرفوه عنه فعلا أو وصفا أو تقريرا، وقد يكون متواترا لفظيا إذا اتحدت الرواة فى الألفاظ التى يقولونها، أو متواترا معنويا إذا اتفقوا فى رواية المعنى مع اختلاف الألفاظ، والتواتر المعنوى كثير، أما اللفظى فقليل، ومنه أحاديث "من كذب علىَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" "نزل القرآن على سبعة أحرف".

ومن المتواتر المعنوى حديث رفع اليدين فى الدعاء، فقد روى فيه أكثر من مائة حديث، لكنها فى وقائع مختلفة، والذى ينكر الحديث المتواتر بالإِجماع يكون كافرا، وكذلك يكفر من أنكر ما أجمع عليه المسلمون كعدد الصلوات الخمس وركعاتها، ومناسك الحج.

والأحاديث غير المتواترة تسمى أحاديث آحاد منها المشهور والعزيز والغريب، ويحكم عليها بالصحة أو الحسن أو الضعف. ومنكرها لا يكفر، وإذا كان الإنكار عن هوى أو تعصب كان فسقا يأثم صاحبه.

والأحاديث الموجودة فى البخارى ومسلم قال ابن الصلاح: إنها صحيحة قطعا، لاتفاق الأمة على تلقيها بالقبول، والأمة لا تتفق على خطأ، وأما ما روى فيهما معلقا، وهو ما حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر فلا يبلغ مرتبة القطع عنده، واستثنى ابن الصلاح من المقطوع بصحته مائتين وعشرين حديثا، والحافظ العراقى أفردها بكتاب تصدى فيه للجواب عنها، وتعرض الحافظ ابن حجر فى مقدمة فتح البارى لما طعن فيه من أحاديث البخارى، ودفع ما وجه إليها من مآخذ بالتفصيل.

والإِمام النووى خالف ابن الصلاح فى دعوى القطع بصحة ما فى الصحيحين -إلا ما استثنى- وقال: إن المحققين والأكثرين يذهبون إلى أن صحة ما روياه صحة مظنونة إلا أن يكون متواترا، وأما تلقى الأمة لهما بالقبول فلأن ما روياه يفيد الظن، والظن يكفى فى تقرير الأحكام العملية، وأما قوله تعالى: {وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا} النجم: ٢٨ فمحمول على ما يرجع إلى أصول الدين كالعقائد، لأنه يقصد منها العلم واليقين.

ومَزِيَّة ما فى البخارى ومسلم على رأي النووى تظهر فى أن ما روى فيهما صحيح لا يحتاج إلى البحث والنظر، بل يؤخذ بالتسليم، أما ما يروى فى غيرهما فيحتاج إلى نظر لمعرفة رتبته من القبول.

فالخلاصة أن ما رواه الشيخان - البخارى ومسلم - وكان متصل الإِسناد من طريقين فأكثر وتلقاه رجال الحديث بالقبول يفيد العلم بصحة نسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم، كخبر الآحاد الذى تحتف به قرائن الصدق فلا تبقى لمن يتلقاه شيئا من التردد فى صحته "مجلة الأزهر-المجلد الأول ص ٥٤٦ - ٥٤٩"

<<  <  ج: ص:  >  >>