للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الانتفاع بالمقبرة الدارسة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما حكم الدين فى الصلاة فى مسجد بنا فوق قبور قديمة لم يدفن فيها أموات منذ سنوات، وقد سويت بالأرض وأقيمت عمارات فوق جزء منها؟

الجواب

صدرت فتوى رسمية على مذهب الأحناف من مفتى مصر الشيخ البرديسى بتاريخ ١٤ من يوليه سنة ١٩٢٠ م بحرمة استغلال المقبرة القديمة لبناء أو زراعة أو غيرهما، حتى لو لم يبق فيها أثر للموتى من عظم أو غيره، ووضحها هو بتاريخ ٨ من ديسمبر سنة ١٩٢٠ م بأن الحكم بالحرمة إذا كانت موقوفة، أما إذا كانت مملوكة للحكومة فلا حرمة " الفتاوى الإسلامية مجلد ٤ صفحة ١١٦٩، ١١٧٣، ١٥٥٩ ".

وجاء فى " مشارق الأنوار " للعدوى " ص ٢٦ " أن علماء المالكية منعوا الانتفاع بالمقبرة التى درست ومر عليها سنوات طويلة، لأن القبر - حَبْسٌ على من دفن فيه.

والشيخ يوسف الدجوى المالكى نقل عن الحطاب فى شرح متن خليل حرمة الانتفاع بالمقبرة الدارسة إلا لمصلحة المسلمين. وجاء فى الرهونى أن بناء المساجد للصلاة فيها على المقبرة العافية- الدارسة - لا كراهة فيه، لأن المقبرة والمسجد حَبْسَانِ، أى وقفان على المسلمين لصلاتهم ودفن موتاهم، فما كان لله لا بأس أن يستعان بعضه فى بعض، على ما كان النفع فيه أكثر والناس إليه أحوج.

وبعد أن نقل الشيخ الدجوى ذلك قال: يتضح من ذلك أن نبش القبور ونقل ما فيها من العظام لا يجوز إلا لمصلحة ضرورية كإجراء نهر فيها، ومثل ذلك ما إذا احتيج لها لتوسيع الطريق، وأن بناء المسجد على المقبرة التى درست جائز من غير كراهة متى اقتضت المصلحة " مجلة الإسلام المجلد الثالث - العدد السادس ص ٢٠ ". وفى فتوى للشيخ يوسف المرصفى الشافعى والشيخ الحسينى سلطان الشافعى " مجلة الأزهر- المجلد الخامس ص ٣٣٦ " بشأن المقابر المهجورة لا يجوز نبش القبر وجعل مكانه مزرعة أو غيرها، وجاز لمالك الأنقاض الانتفاع بها والتصرف فيها بسائر أنواع التصرفات الشرعية، والشافعية قالوا ذلك فى المقبرة المملوكة غير المحبوسة والموقوفة.

بعد هذه النقول من المذاهب يمكنا أن يقال:

إذا كانت أرض المقبرة مملوكة لأصحابها جاز نقل العظام منها والانتفاع بها فى بناء أو زراعة أو بيع التراب للتسميد وغير ذلك، لأن المالك للأرض يجوز له الانتفاع بباطنها وظاهرها.

أما إذا كانت المقبرة موقوفة أو مسبلة، أى اعتاد الناس الدفن فيها وليس لها مالك خاص، فلا يجوز التعدى عليها، ويحرم نقل رفات الموتى من تربتهم، حيث لا يوجد عذر ولا ضرورة، فإن وجدت الضرورة فالضرورات تبيح المحظورات.

وإذا لم تكن المقبرة مملوكة لأحد ولا موقوفة ولا مسبلة كان لأهل البلد أن يشتروها أو يتملكوها من الحكومة، ويتصرفوا فيها بكل أنواع التصرفات بعد نقل ما فيها من العظام ووضعها فى مكان آخر على الطريقة الشرعية، بتمييز كل من أصحابها بمكان معين إن أمكن وعدم انتهاك حرمتها عند النقل " مجلة الإسلام مجلد ٣ عدد ٨ صفحة ٢٠ "

<<  <  ج: ص:  >  >>