للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثواب الآخرة للمؤمن فقط]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل يدخل الجنة من أهل الديانات الأخرى من لم يفعل الفاحشة وكان مستقيما فى حياته ومعاملاته مع الناس؟

الجواب

معلوم أنه لا يعتد بدين بعد مجئ الإسلام كما قال تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين} آل عمران:٨٥.

والجنة لا يدخلها بعد مجئ الإسلام إلا من آمن بالإسلام ما دام قد بلغته دعوة الإسلام ولم يؤمن به والأعمال الصالحة لغير المسلم لا ثواب عليها فى الآخرة قال تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} الفرقان:

٢٣.

وقال فى حق المنافقين {قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين} التوبة: ٥٣.

أما فى الدنيا فيثاب عليها، روى مسلم أن عائشة رضى الله عنها قالت للنبى صلى الله عليه وسلم -: إن ابن جدعان كان فى الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه؟ قال: "لا ينفعه إنه لم يقل يوما رب اغفر لى خطيئتى يوم الدين " يقول القرطبى فى تفسيره (ج ٨ ص ١٦١) روى عن أنس أن النبى-صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها فى الدنيا ويجزى بها فى الآخرة وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل لله بها فى الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها " فالإيمان شرط للثواب فى الآخرة.

قال تعالى: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا} الإسراء: ١٩.

وقد يعترض على إحباط عمل الكافر بحديث رواه مسلم أن العباس قال للنبى- صلى الله عليه وسلم -إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك؟ قال "نعم وجدته فى غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح " وأجيب عنه بأن تخفيف عذاب أبى طالب كان بشفاعة أما غيره فقد أخبر عنه القرآن بقوله: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} المدثر: ٤٨.

وقوله مخبرا عن الكافرين: {فما لنا من شافعين. ولا صديق حميم} الشعراء: ١٠٠، ١٠١.

وقد روى مسلم عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ذكر عنده عمه أبو طالب فقال " لعله تنفعه شفاعتى يوم القيامة فيجعل فى ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلى منه دماغه " ومن حديث العباس "ولولا أنا لكان فى الدرك الأسفل من النار".

هذا، ولو أسلم الكافر ومات على الإسلام قال بعض العلماء: يرجى أن يثيبه الله فى الآخرة على الحسنات التى فعلها وهو كافر، فقد روى مسلم عن حكيم بن حزام أنه سأل الرسول -صلى الله عليه وسلم -عن الصدقة والعتق وصلة الرحم التى كان يتعبد بها فى الجاهلية فقال له "أسلمت على ما أسلفت من خير".

ورأى بعض العلماء أنه لا يثاب، وقول النبى صلى الله عليه وسلم هذا معناه أن الأعمال الخيرة التى عملتها فى الجاهلية تدل على أن معدنك طيب وأن فيك خيرا، وهذا الخير هو الذى قادك إلى الإسلام فالعبارة محتملة وليس فيها تصريح بأن حسنات الكافر قبل إسلامه يثاب عليها عند الله والذى يقصد بعمله دنيا يصيبها ماديا أو أدبيا ولا يريد وجه الله يحرم من ثواب الآخرة سواء أكان مسلما أم غير مسلم، لعموم قوله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك الذين ليس لهم فى الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} هود:

١٥، ١٦.

وقوله: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له فى الآخرة من نصيب} الشورى:٢٠.

وقوله: {من كان يريد العاجلة عجَّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا} الإسراء: ١٨.

وحديث. .. الثلاثة الذين تسعَّر بهم النار معروف رواه مسلم، وهم المجاهد الذى قصد أن يقال إنه شجاع، والكريم الذى قصد أن يقال إنه كريم والعالم الذى قصد أن يقال إنه عالم، وقد قيل: ثم يسحبون على وجوههم ويلقون فى النار"راجع ص ٢٧٤ من المجلد الخامس من هذه الفتاوى "

<<  <  ج: ص:  >  >>