للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اجتماع العيد والجمعة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

إذا وافق أول أيام العيد يوم جمعة فهل يسقط أداء الجمعة عمن صلى العيد؟

الجواب

روى أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائى أن زيد بن أرقم شهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا، فصلى العيد أول النهار ثم رخص فى الجمعة وقال " من شاء أن يجمع فليجمع " فى إسناده مجهول، فهو حديث ضعيف.

وفى رواية لأبى داود وابن ماجه عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " قد اجتمع فى يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون " فى إسناده كلام، وصحح أحمد بن حنبل أنه مرسل، أى سقط منه الصحابى.

وروى النسائى وأبو داود أنه اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير، فأخر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرح فخطب ثم نزل فصلى، ولم يصل للناس يوم الجمعة، أى لم يصل العيد، ولما ذكر ذلك لابن عباس قال: أصاب السنة.

يلاحظ أنه صلى الجمعة بدليل تقديم الخطبة على الصلاة.

وجاء فى رواية لأبى داود أنه فى عهد ابن الزبير اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر، فجمعهما جميهعا فصلاهما ركعتين بكرة، لم يزد عليهما حتى صلى العصر. رجالهما رجال الصحيح.

إزاء هذه النصوص الخاصة باجتماع يوم الجمعة والعيد، قال الأحناف والمالكية:

لا تجزئ صلاة منهما عن صلاة الأخرى، فكل منهما مطلوب، ولا تجزئ صلاة عن صلاة بل لا يجوز الجمع بينهما. فالجمع رخصة خاصة بالظهر مع العصر، وبالمغرب مع العشاء.

والحنابلة يقولون: من صلى العيد سقطت عنه الجمعة، إلا الإمام فلا تسقط عنه إذا وجد العدد الكافى لانعقاد الجمعة، أما إذا لم يوجد فلا تجب صلاة الجمعة. وفى رواية عن أحمد أن الجمعة لو صليت أول النهار قبل الزوال أغنت عن العيد، بناء على أن وقتها يدخل بدخول وقت صلاة العيد.

والشافعية قالوا: إن صلاة العيد تغنى عن صلاة الجمعة لأهل القرى التى لا يوجد فيها عدد تنعقد بهم الجمعة ويسمعون الأذان من البلد الذى تقام فيه الجمعة، فيذهبون لصلاتها، ودليلهم قول عثمان فى خطبته: أيها الناس إنه قد اجتمع عيدان فى يومكم، فمن أراد من أهل العالية- قال النووى: وهى قريبة من المدينة من جهة الشرق - أن يصلى معنا الجمعة فليصل، ومن أراد أن ينصرف فليفعل.

وجاء فى فتاوى ابن تيمية أن أقوال الفقهاء فى اجتماع يوم الجمعة ويوم العيد ثلاثة:

أحدها: أن الجمعة على من صلى العيد ومن لم يصله، كقول مالك وغيره.

الثانى: أن الجمعة سقطت عن السواد الخارج عن المصر، كما يروى ذلك عن عثمان بن عفان واتبع ذلك الشافعى.

الثالث: أن من صلى العيد سقطت عنه الجمعة، لكن ينبغى للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من أحب، كما فى السنن عن النبى صلى الله عليه وسلم.

وعليه أحمد.

ثم قال: وهذا المنقول هو الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه، وهو قول من بلغه من الأئمة كأحمد وغيره، والذين خالفوه لم يبلغهم ما فى ذلك من السنن والآثار.

فالموضوع خلافى، لكن القول بالاكتفاء بصلاة العيد عن صلاة الجمعة أقوى ويستوى فى ذلك أهل القرى والأمصار، والإمام وغير الإمام، فالمقصود من الصلاتين قد حصل، وهو صلاة جمعتين مع الخطبة، اجتمع الناس لأداء صلاة الجماعة وسماع الموعظة، فبأى من الصلاتين حصل ذلك كفى. " انظر: نيل الأوطار للشوكانى ج ٣ ص ٢٩٩ والفتاوى الإسلامية-المجلد الأول ص ٧١ وفتاوى ابن تيمية -المجلد ٢٤ ص ٢١٢ "

<<  <  ج: ص:  >  >>