للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قضاء الصلاة عن الميت]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل يجوز لأهل الميت الذى كان لا يواظب على الصلاة أن يصلوا عنه أو يعملوا ما يسمى بإسقاط الصلاة؟

الجواب

الصلاة عبادة بدنية محضة، لم يرد نص خاص عن النبى صلى الله عليه وسلم بجواز قضائها عن الميت، والوارد هو عن بعض الصحابة، فقد روى البخارى أن ابن عمر رضى الله عنهما أمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء - يعنى ثم ماتت -فقال: صلى عنها وروى ابن أبى شيبة بسند صحيح أن امرأة قالت لابن عباس رضى الله عنهما: إن أمها نذرت مشيا إلى مسجد قباء، أى للصلاة، فأفتى ابنتها أن تمشى لها، وأخرجه مالك فى الموطأ أيضا.

والصلاة المرادة هنا صلاة نفل نذر أداؤها فى قباء فوجبت ولزمت، ومن هنا رأى بعض العلماء جواز قضاء الصلاة عن الميت، سواء أكانت مفروضة أصلا أم منذورة. لكن الجمهور قال بعدم جواز قضاء المفروضة. نقل ابن بطال الإجماع على ذلك، ومع عدم التسليم بهذا الإجماع، فإن الجمهور رد استدلال القول المجيز للقضاء بأن النقل عن ابن عمر وابن عباس مختلف: فقد جاء فى موطأ مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلى أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، وأخرج النسائى عن ابن عباس مثل ذلك القول. ولكن لعل المنع فى حق غير المنذورة.

وقال الحافظ: يمكن الجمع بين النقلين بجعل جواز القضاء فى حق من مات وجعل النفى فى حق الحى (نيل الأوطار ج ٩ ص ١٥٥) وبهذا يعلم أن ما يعمله بعض الناس مما يسمى بإسقاط الصلاة عن الميت غير مشروع، والواقع أن الله سبحانه وتعالى جعل أداء الصلاة من اليسر بحيث تصح بأية كيفية من الكيفيات عند العجز، حتى أنه لم يسقطها عن المجاهد وهو فى ساحة القتال أثناء المعركة، وعن المقيد بالأغلال، واكتفى بما يستطاع ولو بالإيماء. قول الجمهور بعدم جواز قضائها عن الميت هو المختار للفتوى، ولا يصح غيره، حتى لا يكون هناك تهاون بعمود الدين.

أما حكم الصلاة للميت فقد جاء فى رواية الدارقطنى "أن من البر بعد الموت أن تصلى لهما-للوالدين -مع صلاتك - وأن تصوم لهما مع صيامك " وذلك فى النوافل المهداة لا فى الفروض من حيث القضاء، وسيبين ذلك فى صلة الأحياء بالأموات وانتفاع الميت بما يهديه الحى إليه من قُربٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>