للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صلاة الحاجة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

قرأت حديثا عن صلاة الحاجة وفيها قراءة للقرآن الكريم أثناء السجود مع أننى قرأت أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن القراءة فى الركوع والسجود، فما رأى الدين فى ذلك؟

الجواب

إن الله سبحانه هو خالقنا والمنعم علينا، لا نعبد إلا إياه، ولا نستعين بأحد سواه، وقد أمرنا أن ندعوه ليحقق مطلبنا، ووعدنا بالإجابة كما قال سبحانه {وقال ربكم ادعونى أستجب لكم} وللدعاء أوقات وأماكن يكون فيها أقرب إلى الاستجابة، ومنها وقت السجود فى الصلاة كما صح فى الحديث " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء" ومن الخير أن نقدم للدعاء بعمل صالح كصدقة أو صلاة كما دعا أصحاب الغار ربهم بصالح أعمالهم ففرَّج عنهم، وقد صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال كما رواه أحمد "من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما يسأل معجلا أو مؤخرا) وفى حديث عثمان ابن حنيف أن الرسول قال للأعمى الذى طلب منه أن يدعو الله ليكشف عن بصره: انطلق فتوضأ ثم صل ركعتين، وعلمه الدعاء الذى يدعو الله به.

وقد رويت أحاديث فى كيفية صلاة الحاجة تتناقض مع الأحاديث الصحيحة، منها حديث ابن مسعود الذى جاء فيه صلاة ثنتى عشرة ركعة، يقرأ فى السجود فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسى سبع مرات، مع ذكر ودعاء، وقد جرب الناس هذه الصلاة فوجدوها حقا.

والناظر فى هذا الحديث يجده متعارضا مع النهى عن قراءة القرآن فى الركوع والسجود، فقد روى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ألا وإنى نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا، أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء فقمن - بفتح القاف وكسر الميم - أن يستجاب لكم " وروى مسلم وغيره أيضا عن على رضى الله عنه قوله:

نهانى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا.

يقول الشوكانى: هذا النهى يدل على تحريم قراءة القرآن فى الركوع والسجود. وفى بطلان الصلاة بذلك خلاف.

وما دام الحديث الصحيح ينهى عن قراءة القرآن فى الركوع والسجود فهو مقدَّم على حديث صلاة الحاجة الذى تقدم ذكره عن ابن مسعود، وقال الحاكم الذى رواه: تفرد به عامر وهو ثقة مأمون، يقول الحافظ المنذرى: أما عامر فهو النيسابورى قال شيخنا الحافظ أبو الحسن:

كان صاحب مناكير، وقد تفرد به عن عمر بن مهدى وحده فيما أعلم، والاعتماد فى مثل هذا على التجربة لا على الإسناد.

بعد هذا أنصح بالتثبت مما يعبد الإنسان به ربه، وعدم الجرى وراء أى شيء يظن أن فيه تحقيق رغبته، فالله لا يُعبد إلا بما شرع، ولا يُطلب ما عنده إلا بما صح فى القرآن والسنة، وهو كثير، وبالله التوفيق

<<  <  ج: ص:  >  >>