للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تشبيك الأصابع]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

إذا جلس الإنسان فى المسجد وشبك بين أصابعه هل هذا منهى عنه وما الحكمة فى ذلك؟

الجواب

ثبت فى صحيح البخارى وغيره عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه وجاءت رواية تبين أن التشبيك كان فى معرض البيان والتمثيل لإبراز المعنى بصورة واضحة محسوسة فعن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" وشبك بين أصابعه، كما جاءت رواية أخرى عن أبى هريرة فى حديث السهو فى الصلاة حيث قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة فى المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه.

يقول الحافظ ابن حجر "فتح البارى ج ٢ ص ١١١ " تعليقا على ذلك: فيه جواز التشبيك فى المسجد وغيره، وهناك مراسيل -سقط منها الصحابى-ومسندة من طرق غير ثابتة فى النهى عن التشبيك فى المسجد، ومن ذلك حديث أبى داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان عن كعب بن عجرة. وفى إسناده اختلاف ضعفه بعضهم بسببه "إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن يديه، فإنه فى صلاة" وروى ابن أبى شيبة حديث "إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال فى صلاة ما دام فى المسجد حتى يخرج منه " وفى إسناده ضعيف ومجهول.

ثم قال ابن حجر نقلا عن ابن المنير: التحقيق أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، إذ المنهى عنه فعله على وجه العبث، والذى فى الحديث - المؤمن للمؤمن -إنما المقصود هو التمثيل وتصوير المعنى فى النفس بصورة الحس، وجمع الإسماعيلى بأن النهى مقيد بما إذا كان فى الصلاة أو قاصدا لها إذ منتظر الصلاة فى حكم المصلى وأحاديث الباب الدالة على الجواز خالية من ذلك لأن حديث أبى هريرة كان تشبيك النبى صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء الصلاة وليس فى صلاة أو قبلها، والرواية التى فيها النهى عن ذلك ما دام فى المسجد ضعيفة.

ثم قال أخيرا: والحكمة فى النهى قيل لكونه من الشيطان، وقيل: لأنه يجلب النوم وهو من مظان الحدث، وقيل لأن التشبيك فيه صورة الاختلاف اهـ.

وأقول: إن الأمر أهون من أن يثار حوله خلاف والنية لها دخل فى الحكم، والعرف كذلك ينبغى أن يراعى فى الآداب العامة غير المنصوص عليها، وقد علمت أن أحاديث النهى عن التشبيك غير صحيحة، ولذا قال البعض إن التشبيك مكروه وليس بمحرم وسيأتى مزيد كلام عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>