للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجهر بالنية]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

يقول بعض الناس: إن التلفظ بالنية فى الصلاة بدعة، فالنية محلها القلب، فهل لو تلفظ بها المصلى تبطل صلاته أو يضيع ثوابها؟

الجواب

النية معناها القصد، والقصد عمل قلبى، فلا يجب التلفظ بها فى الصلاة وغيرها، ولا يتوقف قبول الصلاة على التلفظ بها سرا أو جهرا.

وقد قال الشافعية: لا بأس بالتلفظ بها، بل يُسَنُّ، وذلك ليساعد اللسان القلب، فلو ترك التلفظ بها فالصلاة صحيحة ومقبولة إن شاء الله، إذا توافرت فيها عوامل القبول بعد الأداء الشكلى، ومنها الخشوع والإخلاص.

وجاء فى "فقه المذاهب الأربعة" أن المالكية قالوا: التلفظ بالنية خلاف الأولى إلا للموسوس فإنه مندوب، دفعا للوسوسة. وقال الأحناف: إن التلفظ بدعة. إذ لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولا عن أصحابه.

ويستحسن دفعا للوسوسة.

فالخلاصة أن النية فى الصلاة محلها القلب، ولا يشترط التلفظ بها. بل قال الأحناف: إنه بدعة، وقال المالكية: إنه خلاف الأولى، وذلك لغير الموسوس فيكون التلفظ مندوبا أو مستحسنا. وقال الشافعية: إنه سنة.

وابن القيم فى كتابه "زاد المعاد" ج ١ ص ٥١ نعى بشدة على من يقول بجواز النطق بالنية، وصحح رأى الشافعية فى ذلك فقال: كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئا قبلها، ولا يلفظ بالنية البتة، ولا قال: أصلى له صلاة كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماما أو مأموما، ولا قال: أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت.

وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مسند ولا مرسل لفظة واحدة منها البتة، بل ولا عن أحد من أصحابه، ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة، وإنما غرَّ بعض المتأخرين قول الشافعى رضى الله عنه فى الصلاة إنها ليست كالصيام ولا يدخل أحد فيها إلا بذكر، فظن أن الذكر تلفظ المصلى بالنية، وإنما أراد الشافعى رحمه الله بالذكر تكبيرة الإحرام ليس إلا، وكيف يستحب الشافعى أمرا لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة واحدة ولا أحد من خلفائه وأصحابه؟ هذا هو رأى ابن القيم، وللأئمة آراؤهم، والحكم على ما ذكر بأنه بدعة ليس مسلَّما على طول الخط أنه ضلالة، فقد قال به علماء أفاضل، وجعلوه سنة أو مستحبا ومندوبا فى بعض الحالات كالوسوسة، مع العلم بأن التلفظ بها لا يضر وقد ينفع

<<  <  ج: ص:  >  >>