للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نقل المسجد]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

تخرب مسجد وليس له ما يعمر به واستغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر، أو تهدم فى زلزال أو سيول، فهل يجوز التصرف فى أرضه لغرض آخر، أو لبناء مسجد بدله؟

الجواب

إذا تحققت المسجدية فى أرض بالبناء والصلاة أصبح المسجد ملكا لله لا يجوز لأحد أن يتملكه أو يتصرف فيه بما يخرجه عن مهمته الدينية، لكن لو تخرب المسجد ولا يوجد ما يعمره، أو هاجر الناس من حوله واستغنوا عنه، إما قهرا واضطرارا كزلزال أو سيول، أو اختيارا كهجرة إلى مكان آخر، هنا اختلف الشيخان محمد وأبو يوسف صاحبا أبى حنيفة فى الحكم، فقال محمد: إنه يعود إلى ملك الواقف أو المتبرع إن كان حيا وإلى ورثته إن كان ميتا، لأنه عينه لقربة مخصوصة، فإذا انقطعت رجع إلى المالك، وإذا لم يعلم صاحبه ولا ورثته أو كان ملكا للجميع أقاموه بالجهود الذاتية جاز بيعه وصرف ثمنه فى مسجد آخر.

وقال أبو يوسف: على الرغم من ذلك فهو ما يزال مسجدا إلى يوم القيامة، ولا يعود إلى ملك أحد من الناس، لأنه صار ملكا لله وحده، ولا يجوز نقل أنقاضه ولوازمه إلى مسجد آخر، وبالطبع لا يجوز الانتفاع بأرضه فى أى عمل آخر، وللناس أن يبنوا فوق الأرض مسجدا جديدا.

وأكثر المشايخ على قول أبى يوسف، ورجحه الكمال بن الهمام، لكن روى عن أبى يوسف أيضا أنه وإن لم يعد المسجد إلى المالك يجوز أن تحول الأنقاض واللوازم إلى مسجد آخر، أو يباع ذلك بإذن القاضى ويصرف ثمنه فى أقرب مسجد له، وقد جزم بهذه الرواية صاحب "الإسعاف " وأفتى بها كثير من المتأخرين، لأن ترك الأنقاض وخلافها بدون صرفها إلى مسجد آخر يؤدى إلى ضياعها إذا طال الزمان.

أما أبو حنيفة فنقل عنه مثل قول محمد، ونقل أيضا عنه مثل قول أبى يوسف. انتهى ملخصا من فتوى الشيخ حسن مأمون فى ٢٤ من مايو سنة ١٩٦٠ "الفتاوى الإسلامية ج ٦ ص ٢١٥٦".

هذا، ووجه سؤال إلى الشيخ جاد الحق على جاد الحق سنة ١٩٨١م عن هدم مسجد آيل للسقوط لبناء مسجد جديد على قطعة منه وبناء عمارة على الباقى من أرضه فأجاب بتاريخ أول أبريل سنة ١٩٨١ م بما ملخصه:

أن الفقه الشافعى: نعى كما فى كتاب إعلام الساجد للزركشى- على أنه إذا تعطل المسجد بتفرق الناس عن البلد أو خرابها أو خراب المسجد فلا يعود مملوكا، ولا يجوز بيعه ولا التصرف فيه، خلافا لمحمد بن الحسن الحنفى.

والفقه المالكى: جرى على مثل ما ذهب إليه فقه الشافعية -كما فى كتاب التاج والإكليل على مختصر خليل، غير أنه أجاز فى المسجد إذا تخرب وخيف على أنقاضه من الفساد ولم ترج عمارته أن تباع ويوجه الثمن إلى مسجد آخر.

وأجاز فقه الحنابلة -كما فى المغنى لابن قدامة - بيع المسجد إذا صار غير صالح للغاية ال مقصودة منه، كأن ضاق على أهله ولم يمكن توسيعه ليسعهم، أو خربت الناحية التى فيها المسجد وصار غير مفيد، ويصرف ثمنه فى إنشاء مسجد آخر فى مكان يحتاج إليه فيه.

وفى الفقه الحنفى: أن المسجد إذا خرب ولم يكن له ما يعمر به واستغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر، أو خرب ما حوله واستغنى عنه - يبقى مسجدا أبدا إلى يوم القيامة وذلك عند أبى حنيفة وأبى يوسف، وأما عند محمد بن الحسن فيعود إلى ملك من بناه، ونصوا على أنه إذا أراد أهل محلة نقض المسجد وبناءه أحسن من الأول إن كان من يريد بناءه من أهل المحلة كان لهم ذلك، وإلا لم يجز، كما نصوا على أن للقائم على المسجد أن يؤجر فناءه للتجار لصالح المسجد، ولفقراء المسلمين بإذن القاضى، أما فناء المسجد وحرمه فأعطاها بعضهم حكم مسجد آخر، وأتبعها آخرون للمسجد ذاته.

وبعد سرد أقوال المذاهب قال: يجوز هدم المسجد الآيل للسقوط أو المتخرب وجعل ثمن أنقاضه فى مصاريف تجديده لبقاء المسجدية له، ويجوز توسيعه من الفناء الملحق به، وإقامة عمارة على بعض الفناء يصرف عائدها أو تستعمل لصالح المسجد ولصالح الفقراء، وذلك بإذن القاضى. "الفتاوى الإسلامية ج ٩ ص ٣٢٥٤"

<<  <  ج: ص:  >  >>