للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[علو الإمام أو المأموم]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

توجد مساجد لها عدة طوابق يصلى الإمام فى أحدها والمأمومون يصلون فى طابق آخر فهل الجماعة صحيحة؟

الجواب

السنة أن يكون المأمومون مع الإمام فى طابق واحد لسهولة متابعته بالنظر أو السماع، وإن كان الصوت يصلهم عن طريق المبلغ أو مكبرات الصوت. روى الدارقطنى عن أبى مسعود الأنصارى أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يقوم الإمام فوق شىء والناس خلفه. يعنى أسفل منه. وروى أبو داود والشافعى والبيهقى وابن خزيمة وابن حبان أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن -مدينة كانت بالعراق- على دكان -مكان مرتفع- فأخذه أبو مسعود بقميصه فجبذه -أخذه بشدة- فلما فرغ من صلاته قال، ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، فذكرت حين جذبتنى.

قال العلماء: إن كان فى علو الإِمام عن المأمومين فائدة فلا كراهة، فقد روى البخارى ومسلم عن سهل بن سعد الساعدى أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر أول يوم وضع، فكبَّر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقَرَى -إلى الخلف- وسجد فى أصل المنبر، ثم عاد. فلما فرغ أقبل على الناس فقال " أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بى ولتعلموا صلاتى".

هذا فى ارتفاع الإِمام أنه مكروه إلا لحاجة، أما ارتفاع المأموم على الإمام فهو جائز، فقد صلى أبو هريرة على ظهر المسجد بصلاة الإِمام كما رواه الشافعى والبيهقى وسعيد بن منصور، وذكره البخارى تعليقا، وروى سعيد بن منصور أن أنس بن مالك كان يجمع فى دار أبى نافع عن يمين المسجد فى غرفة قدر قامة منها، لها باب مشرف على مسجد بالبصرة، فكان أنس يجمع فيها ويأتم بالإمام، وسكت عليه الصحابة.

يقول الشوكانى " نيل الأوطار ج ٣ ص ٢٠٧ ": وأما ارتفاع المؤتم فإن كان مفرطا بحيث يكون فوق ثلثمائة ذراع، على وجه لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الإِمام فهو ممنوع بالإِجماع من غير فرق بين المسجد وغيره، وإن كان دون ذلك المقدار فالأصل الجواز حتى يقوم دليل على المنع، ويعضد هذا الأصل فعل أبى هريرة المذكور ولم ينكر عليه انتهى.

يؤخذ من هذا أن المدار فى الجواز وعدمه هو علم المأموم بأفعال الإِمام، فلو حصل العلم بأية وسيلة ومنها مكبرات الصوت الآن صحت الجماعة فى أى طابق من الطوابق، أو فى أى مكان ما دامت الصفوف متواصلة فى المسجد وخارج المسجد، وعليه فلا مانع من صلاة الجماعة فى أى طابق من طوابق المسجد عند العلم بأفعال الإِمام.

وجاء فى شرح النووى لصحيح مسلم "ج ٥ص ٣٤" عند الكلام على اتخاذ المنبر فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحديث فيه فوائد، منها: جواز صلاة الإمام على موضع أعلى من موضع المأمومين. ولكنه يكره ارتفاع الإمام على المأموم وارتفاع المأموم على الإمام لغير حاجة، فإن كان لحاجة لم يكره، بل يستحب، وكذا إن أراد المأموم إعلام المأمومين بصلاة الإمام واحتاج إلى الارتفاع

<<  <  ج: ص:  >  >>