للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الزكاة وحكمة التشريع]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

لماذا تفرض الزكاة على المسلمين فى حين أن الدولة تحصل الضرائب من جميع المواطنين على السواء، أريد إجابة منطقية لأنى لا اقتنع بقوله تعالى {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} ؟

الجواب

سبقت الإجابة على الفرق بين الزكاة والضرائب، ولا تغني الضرائب عن الزكاة وأحب أن يعلم كل مسلم أن التكاليف الشرعية لابد من تقبلها والعمل بها بصرف النظر عن فهم حكمة التشريع، فإن الحكمة قد تذكر مع الحكم وربما لا تذكر، ولا يترتب على عدم ذكرها أو عدم فهمها رفض الحكم وإنكاره. فالواقع أن أفعال اللَّه خالية عن العبث، ولكل فعل من أفعاله حكمة، فهو الحكيم الخبير وإن كنا لا ندرك هذه الحكم {واللَّه يعلم وأنتم لا تعلمون} .

وإذا كانت معرفة حكمة التشريع تبعث في النفس النشاط للعمل وتشرح الصدر للقبول، وتساعد على رد الشبه وتحمى من الأباطيل، فإن مجرد الامتثال لأنه أمر من اللَّه فقط - وهو الموصوف بالحكمة البالغة -يدل على قوة الإيمان وتمام الخضوع لأوامر اللَّه، ومهما يكن من شيء فإن إنكار أي تكليف وارد في النصوص الصحيحة يؤدي إلى الكفر، لأنه تكذيب لما ثبت بالتواتر وبخاصة القراَن الكريم المجمع على أنه كلام اللَّه تعالى.

والزكاة فرضت على المسلمين بالأوامر الصريحة في القرآن والسنة، منها قوله تعالى {وأتوا الزكاة} البقرة: ٤٠٣، وكثير من السور، وقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} التوبة: ١٠٣، إلى غير ذلك من النصوص.

والإيمان بفرضيتها واجب، بصرف النظر عن معرفة حقها، وقد أشارت الآية إلى الحكمة وهي التطهير والتزكية، أي تخليص النفوس من شوائب البخل والشح والأنانية والحرص والطمع والفردية وأسر المادة وعبودية الشهوة، وتحليتها بالرحمة والحنان والغيرية والتعاون والرضا والقناعة وراحة الضمير، والحيلولة دون الوقوع فيما تجر إليه الأنانية وحب المال من كذب وزور وغش واحتكار وسرقة وما إلى ذلك، كما أن الزكاة أساس العدل الاجتماعي الذي يدعو إلى رعاية الحقوق والمبادرة إلى أداء الواجبات والحفاظ على الحرمات، وتقوية روابط المجتمع بوجه عام.

وإذا كانت المقادير المفروضة في الزكاة تعد رمزًا لامتثال أوامر اللَّه في التعاون فإن مطالب الحياة الاجتماعية في الدول المنظمة ربما لا يعطيها هذا المورد الرمزي، وقد أجمع العلماء على أن للحاكم أن يفرض من الضرائب، والواجبات الأخرى ما يراه محققًا لمصلحة الجماعة، فلا تنافي بين فرض الزكاة وجباية الضرائب أبدًا، وبخاصة إذا عرفنا أن بعض الاحتياجات العصرية ربما لا تدخل تحت المصارف المحددة للزكاة، ولا نحتاج إلى التعسف في تطويعها حتى تشمل هذه الاحتياجات ما دام عندنا مورد أخر مشروع وهو ما يفرضه ولى الأمر من الضرائب وغيرها. "انظر رسالتى عن الزكاة "

<<  <  ج: ص:  >  >>