للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السعر والتسعير]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل يجوز للحاكم أن يفرض سعرا معينا للسلع؟

الجواب

التعريف: السعر هو القدر الذى تقوَّم به السلعة، والتسعير هو وضع قيمة للسلعة، والسعر يتحكم فيه غالبا عاملا العرض والطلب، أما التسعير فيكون بتدخل ولى الأمر.

٢- الحكم: جاء فى فتاوى ابن تيمية " مجلد ٢٨ ص ٧٦ "عن تدخل ولى الأمر فى الأسعار: أن السعر منه ما هو ظلم لا يجوز، ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباحه الله لهم فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ زيادة على عوض المثل فهو جائز بل واجب. .

وضرب مثلا للتسعير الذى لا يجوز بما حدَّث به أنس رضى الله عنه أنه قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقالوا:

يا رسول الله لو سعرت؟ فقال " إن اللَّه هو القابض الباسط الرزاق المسعر، وإنى لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبنى أحد بمظلمة ظلمتها إياه فى دم ولا مال " رواه أبو داود والترمذى وصححه. فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم وقد ارتفع السعر إما لقلة الشىء وإما لكثرة الخلق فهذا إلى الله، فإلزام الخلق أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق.

ثم ضرب مثلا للتسعير الذى يجوز فقال: إذا امتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فيجب أن يلتزموا بما ألزمهم به.

وجاء مثل ذلك فى فتوى الشيخ عبد المجيد سليم سنة ١٩٤٣ م [الفتاوى الإسلامية المجلد ٣ ص ٨١٥] وفيها: أن الحكومة إذا سعَّرت وجب العمل بما سعرت به وحرم التعدى، لأن طاعة ولى الأمر واجبة بالكتاب والسنة والإجماع إذا أمر بما ليس بمعصية.

٣- التبليغ عن المخالف: جاء فى الفتوى المذكورة أنه يجب على من يعلم أن من التجار من يبيع بأسعار مرتفعة تزيد عن الأسعار المقررة أن يبلغ الحكومة بذلك، فإذا كان من يعلم ذلك شخصا واحدا وجب عليه التبليغ، فإن لم يبلغ كان آثما، وإذا كان من يعلم أكثر من واحد وجب عليهم أن يبلغوا، فإذا قام به بعضهم لم يأثم أحد منهم، لحصول المقصود بتبليغ بعضهم، وإذا تركوا كلهم التبليغ كانوا جميعا آثمين كما هو حكم الواجب الكفائى. انتهى.

وأنبه إلى ما جاء فى جواز التسعير أو وجوبه من أن المقصود منه هو العدل ومنع الظلم، فيكون التسعير مراعى فيه العدل الذى لا ظلم فيه للتجار ولا للشعب، بمعنى أن يكون بعد دراسة وافية يدخل فيها تغير الظروف، ويعدل السعر تبعا للمتغيرات من أجل تحقيق العدالة للتجار والشعب، ومنع الخروج على القوانين والقرارات بحيلة أو بأخرى.

وإذا كانت طاعة ولى الأمر واجبة فمحلها فيما لا معصية ولا ظلم فيه، وفيما يساعد على النشاط الاقتصادى العادل الذى يشجع عليه التنافس الشريف الذى يوازن بين الحقوق والواجبات فى إطار التعاون على الخير الذى يفيد منه كل الأطراف. والكل يعانى من القوانين والقرارات الجامدة التى يراعى فيها جانب واحد، مما يتيح الفرصة للتملص منها بأى أسلوب من الأساليب

<<  <  ج: ص:  >  >>