للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البيع بشرط انتفاع البائع بالمبيع]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

يحدث أن بعض الناس يبيع داره أو أرضه لأولاده أو لغيرهم، ويشترط فى العقد أن يظل منتفعا بهذا المبيع طول حياته، ولا ينتفع بها المشترى إلا بعد وفاة البائع، فما حكم هذا البيع؟

الجواب

جاء فى المغنى والشرح الكبير"ج ٤ ص ٤٩" عن النوع الثالث من الضرب الصحيح فى الشروط فى البيع أنه يصح أن يشترط البائع نفع المبيع مدة معلومة مثل أن يبيع دارا ويستثنى سكناها سنة، أو دابة ويشترط ظهره - ركوبه -إلى مكان معلوم، أو عبدا ويستثنى خدمته مدة معلومة، نص عليه أحمد وهو قول الأوزاعى وأبى ثور وإسحاق وابن المنذر، وقال الشافعى وأصحاب الرأى: لا يصح، لأنه يروى أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط، ولأنه ينافى مقتض البيع فأشبه ما لو شرط ألا يسلمه ذلك لأنه شرط تأخير تسليم المبيع إلى أن يستوفى البائع منفعته، وقال ابن عقيل - من الحنابلة -فيه رواية أخرى-أى عن أحمد-أنه يبطل البيع والشرط.

وقال مالك: إن اشترط ركوبا إلى مكان قريب جاز، وإن كان إلى مكان بعيد كره، لأن اليسير تدخله المسامحة.

ثم استدل ابن قدامة على الصحة بما روى عن جابر أنه باع النبى صلى الله عليه وسلم جملا واشترط ظهره إلى المدينة، وفى لفظ قال: فبعته بأوقية واستثنيت حملانه إلى أهلى، رواه البخارى ومسلم. وفى رواية لمسلم قال جابر: على أن لى ظهره إلى المدينة قال " ولك ظهره إلى المدينة " ولأن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا - أى الاستثناء -إلا أن تعلم، وهذه معلومة، ولأن المنفعة قد تقع مستثناه بالشرع على المشترى فيما إذا اشترى نخلا مؤبرة - ملقحة - أو أرضا مزروعة، أو دارا مؤجرة، أو أمة مزوجة، فجاز أن يستثنيها، كما لو شرط البائع الثمرة قبل التأبير، ولم يصح نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط وإنما نهى عن شرطين فى بيع، فمفهومه إباحة الشرط الواحد، وقياسهم منقوض بشرط الخيار والتأجيل فى الثمن [انظر أيضا: نيل الأوطار للشوكانى ج ٥ ص ١٨٩] .

وعليه فلا مانع من البيع مع اشتراط انتفاع البائع بالمبيع لمدة يتفقان عليها، وذلك على مذهب الإمام أحمد وقد صدرت فتاوى رسمية على مذهب أبى حنيفة سنة١٩١٥، ١٩٢١ من الشيخ محمد بخيت المطيعى والشيخ عبد الرحمن قراعة والشيخ محمد إسماعيل البرديسى بحرمة هذا البيع " الفتاوى الإسلامية - المجلد الثالث ص ٧٩٤، ص ٨٠٧ والمجلد الرابع ص ١٥٦١ " ولا مانع من الأخذ برأى الإمام أحمد بالصحة عند الحاجة.

ذكر ابن حجر فى " فتح البارى ج ٥ ص ٣٧١" أن البخارى رجح جواز الاشتراط كما يدل عليه الحديث، والاشتراط المفسد للعقد ليس منه ذلك، بل صورته أن يبيع الجارية ويشترط على المشترى عدم وطئها. ويبيع الدار ويشترط عليه ألا يسكنها، وفى الدابة ألا يركبها، أما إذا اشترط شيئا معلوما فلا بأس به. وحديث النهى عن بيع وشرط فى إسناده مقال، وهو قابل للتأويل

<<  <  ج: ص:  >  >>