للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يمين بالطلاق]

المفتي

محمد بخيت.

رجب ١٣٣٨ هجرية - ٢٥ من مارس ١٩٢٠ م

المبادئ

قول الرجل (على اليمين بالثلاثة) ليس صيغة من صيغ الطلاق فلا يقع بها شىء ولو وجد المحلوف عليه على ما عليه الفتوى.

ولعدم الإضافة

السؤال

من د ن فى رجل اعتراه مرض الكحة بسبب شرب الدخان فحلف أن لا يشربه بقوله (على اليمين بالثلاثة ما أشرب الدخان) ثم حدث له مرض فى الصدر بسبب تركه فأفتاه طبيب بشرب دخان زنوبيا واستمر على ذلك مدة سبع سنوات لفهمه أن الدخان الزنوبيا غير الدخان المعتاد الذى كان يشربه ثم منذ سبع أيام تقريبا شرب من الدخان الذى كان يعتاد شربه والمحلوف عليه ساهيا اليمين فهل لا يقع عليه اليمين بالطلاق المذكور حيث إنه لم يضفه إلى امرأته ولم يخاطبها بذلك لا سيما وأن لفظ اليمين المذكور فى كلام الحالف لم تتعين فى الطلاق تشتمل بالله أم كيف الحال أفيدونا

الجواب

اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن العلامة أبا السعود مفتى الروم أفتى بأن على الطلاق ويلزمنى الطلاق ليس بصريح ولا كناية كما نقله عنه ابن عابدين بصحيفة ٦٦٨ جزء ثان طبعة أميرية سنة ١٢٨٦ وعلى ذلك لا يكون هذا اللفظ من الصيغ التى يقع بها الطلاق أصلا وذلك لأن الشرط إضافة الطلاق إلى المرأة أو إلى ما يعبر به عنها والمراد بالإضافة إليها الإضافة إلى ما يعبر به عن جملتها وضعا والمراد بالإضافة إلى ما يعبر به عنها الإضافة إلى ما يعبر به عن الجملة بطريق التجوز وإلا فالكل معبر به عن الجملة كما صرح بذلك ابن عابدين نفسه بصحيفة ٦٧٢ من الجزء المذكور ومن ذلك يعلم أنه لا بد فى وقوع الطلاق من إضافته إلى ما يعبر به عن جملة المرأة بطريق الوضع أى الحقيقة كانت طالق أو هى طالق أو هذه طالق أو فلانة طالق أو نحو ذلك أو بطريق المجاز كرقبتك طالق أو عنقك طالق ونحوها ومن ذلك يعلم أنه لابد من اشتمال صيغة الطلاق على لفظ يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو المجاز ولذلك قال العلامة أبو السعود إن على الطلاق أو يلزمنى الطلاق ليس بصريح ولا كناية أى أنه ليس من صيغ الطلاق أصلا لعدم الإضافة وأن ما قاله ابن عابدين بصحيفة ٢٦٨ تعليلا لما أفتى به العلامة أبو السعود من أن على الطلاق أو يلزمنى الطلاق ليس بصريح ولا كناية بقوله أى لأنه لم يتعارف فى زمنه إلخ فقد رد الشيخ الرافعى فى تقريره بصحيفة ٢١٤ جزء أول بقوله عدم التعارف فى زمنه إنما ينفى كونه صريحا ولا ينفى كونه كناية فلا يظهر نفى كونه كناية فى زمنه انتهى - أى أن العلامة أبا السعود كما نفى كون اللفظ المذكور صريحا نفى كونه كناية فلا يصح تعليله بعدم العرف فى زمنه لأن التعارف إنما يصير ما كان كناية قبل العرف صريحا بعد العرف ولا يمكن أن التعارف يجعل ما ليس من صيغ الطلاق صريحا ولا كناية من صيغة حق لو تعارفوا إيقاع الطلاق بلفظ إسقنى الماء لا يقط عندنا لأنه لا يحتمل الطلاق وصيغ الطلاق محصورة عندنا فيما يكون من مادة التطليق وفيما يحتمل التطليق وغيره وهى ألفاظ الكنايات وأما ما ليس صريحا ولا كناية فلا يقع به الطلاق أصلا ولو تعارفوا الإيقاع به عندنا وأما ما نقله ابن عابدين عن صاحب التنوير فى منحه وعن العلامة قاسم وعن ابن الهمام وغيرهم ممن نقل عنهم بصحيفة ٢٦٨ من الوقوع فكل ذلك محمول على ما إذا وجدت الإضافة إلى المرأة على وجه ما تقدم لأن غرض هؤلاء الأئمة أن هذه الألفاظ عند ذكر المحلوف عليه قد تعورف استعمالها فى التعليق وإن كان بحسب أصل وضعها ليست من التعليق عملا بالعرف وهذا لا ينافى أنها حينئذ تكون كغيرها من صيغ التعليق لابد فيها من الإضافة إلى ما يعبر به عن المرأة حقيقة أو مجازا بتعين أن الجمع بين ما أفتى به أبو السعود من عدم الوقوع فى مثل تلك ألفاظ وما أفتى به غيره من الوقوع هو أن ما أفتى به أبو السعود بعدم الوقوع محمول على ما إذا لم توجد الإضافة إلى المرأة لا بطريق الحقيقة ولا بطريق المجاز وأما ما قاله غيره من الوقوع فى مثل ذلك محمول على ما إذا ذكر المحلوف عليه ووجدت الإضافة إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز لاتفاقهم على أنه لابد من إضافة صيغة الطلاق إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز كما أنه لا بد فى مثل هذه الصيغ مثل على الطلاق أو الطلاق يلزمنى من ذكر المحلوف عليه كأن يقول الطلاق يلزمنى ما أفعل كذا أو على الطلاق لا أفعل كذا ويدل لذلك ما نقله ابن عابدين نفسه بصحيفة ٦٦٩ من الجزء المذكور عن الحاوى عن أبى الحسن الكرخى فإنه مع ذكر المحلوف عليه قد أضاف حقيقة العتق إلى عبده وبين أنه بعد ذلك قد تعارفوه شرطا فى لسانهم وقال أجرى أمرهم على الشرط على تعارفهم والحاصل أن قوله على الطلاق.

أو الطلاق يلزمنى لا يقع به الطلاق فى مثل ذلك إلا بشرطين الأول أن يذكر المحلوف عليه الثانى أن يضاف الطلاق إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز كأن يقول مخاطبا لزوجته طلاقك يلزمنى لا أفعل كذا أو على طلاقك لا أفعل كذا ونحو ذلك مما فيه إضافة الطلاق إلى ما يعبر به عن المرأة بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز.

ومن ذلك يعلم أن ما وقع من الحالف المذكور لم يكن صيغة من صيغ الطلاق فلا يقع بها شىء ولو وجد المحلوف عليه على ما جرى عليه العلامة أبو السعود وهو الموافق لقواعد المذهب لعدم الإضافة كما ذكرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>