للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شركة المواشى]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما رأى الدين فى رجل تعاقد مع رجل على شركة مواش بينهما، على أن يكون الأول هو صاحبها عند شرائها، والثانى هو الذى يقوم برعايتها، ونتيجة لإهمال الثانى لم يغلق الحظيرة على المواشى فسرقت، فكيف يفصل بين الطرفين فى هذا الموضوع؟

الجواب

التعاون بين المسلمين مطلوب فى كل ما يعود عليهم بالخير، كما قال تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة: ٢ وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم "والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه " رواه مسلم ومن مقتضى هذا التعاون أو من دواعيه، الرحمة والإحساس بحاجة الغير إلى المعونة، وحتى يكون هذا التعاون الرحيم مثمرا يجب أن يوجد تبادل بين الطرفين المعطى والآخذ، فى مشاعر الود وحب المصلحة للجميع، والصدق والأمانة والصراحة في المعاملة. وبدون هذه المشاعر الطيبة والأخلاق الفاضلة لن يثمر التعاون ثمرته المرجوة، حيث يكون التعامل فى جو من النفاق والخداع وفى الحديث الصحيح "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان" رواه البخارى ومسلم ومن أنواع التعاون الجارى فى الريف بالذات أن يشترى إنسان قادر، ماشية ثم يسلمها إلى آخر يجيد مهنة الزراعة وتربية المواشى لأنه فى حاجة إلى هذه الماشية التى لا يمللك ثمنها، ويقوم هو برعايتها فى مقابل استخدامه لها فى الحرث والرى، وانتفاعه بما تدره من لبن، وأحيانا يشترط الطرفان أن يكون الناتج بالولادة مناصفة بينهما.

وإذا كان العقد شريعة المتعاقدين، والمسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا، فإن هذا التعاقد يختلف عن عقد الشركة التى تحدث عنها الفقهاء، والتى يكون الربح والخسارة فيها بين الشركاء بقدر أنصبتهم فى الشركة، وهنا لم يدفع الطرف الثانى شيئا من الثمن، وهو ليس من المضاربة عند بعض الفقهاء.

ومن أجل أن المسألة التى معنا فيها منفعة لكلا الطرفين فيمكن تخريجها على أنها من باب الوديعة، فالماشية وديعة وأمانة عند الطرف الثانى الذى لا يملكها، يحرسها ويرعاها بأجر أو بمقابل هو منافعها التى يحصل عليها منها، والمودع عنده يجب أن يحافظ على هذه الأمانة بما يقضى به العرف الجارى، فإذا قصر لزمه العوض. وعلى هذا يجب على الطرف الثانى أن يدفع للأول ثمن الماشية التى سرقت بسبب إهماله.

وحديث "لا ضمان على مؤتمن " ضعيف، ومع ذلك جاء برواية أخرى للدارقطنى تقيده وهى "ليس على المستعير غير المُغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان " والمغل هو الخائن فالوديع لا يضمن إلا لجناية منه على العين، وإهمال رعاية الماشية بعدم إحكام إغلاق الحظيرة عليها يعد جناية، وبخاصة إذا كان متعمدا لذلك فهو خيانة ولابد من الضمان

<<  <  ج: ص:  >  >>