للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النحت والرسم والتصوير]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

ما حكم التصوير والرسم والنحت؟

الجواب

روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: احيوا ما خلقتم ".

ورويا أيضا عن عائشة رضى الله عنها قالت: قدم علينا رسول صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة- الطاق فى الحائط يوضع فيه الشىء وقيل غيره -بقرام - ستر -فيه تماثيل. فلما رآه تلوَّن وجهه وقال لا يا عائشة، أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله " قالت: فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين.

ورويا أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم " قال " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تملثيل " وفى رواية البخارى (صورة) بدله (تماثيل) .

اختلف الفقهاء فى حكم الصور والتماثيل وإليك ملخص ما قيل:

أولا- حكم اقتنائها: اتفق العلماء على حرمة اقتنائها إذا كان الغرض منها العبادة أو التقديس، لأنها رجس والله يقول {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور} الجج: ٣٠ وإن لم يكن الغرض منها ما ذكر فهو حرام أيضا إذا توافرت هذه الشروط:

١ - أن تكون التماثيل تامة الأجزاء الظاهرية.

٢ - ألا تكون هناك مصلحة تدعو إلى اقتنائها.

٣- أن تكون من مادة تبقى مدة طويلة كالخشب والمعدن والحجر.

وذلك للأحاديث السابقة، ولسد الذريعة إلى عبادة الأصنام، وعدم التشبه بمن يحرصون على تقديسها، كما مزق النبى صلى الله عليه وسلم ثوبا فيه تصاليب، لأنها ترمز إلى عقيدة جعلها بعض الناس من أصول دينهم. وبمقتضى هذه الشروط يقال:

(أ) لو كان التمثال نصفيا أو نقص منه جز لو كان التمثال حيا لا يعيش بدونه كالرأس أو البطن، جاز اقتناؤه وإن كان ذلك مكروها. ونقل عن المالكية جواز اتخاذ التمثال التام إذا كان فيه ثقب فى مكان بحيث تمتنع معه الحياة حتى لو كان الثقب صغيرا، واشترط الحنفية والحنابلة فى هذا الثقب أن يكون كبيرا حتى يجوز اقتناؤه.

(ب) ولو كانت هناك مصلحة فى اتخاذ التمثال كلعب البنات أو كوسيلة إيضاح فى التعليم جاز ذلك، لان النبى صلى الله عليه وسلم أقر وجود العرائس عند عائشة كما فى الصحيحين. وعلل العلماء هذا بأن فيها تمرينا للبنات على المستقبل الذى ينتظرهن، وهو اسثشاء من عموم النهى عن الصور. وتوسع بعض العلماء فأجاز التماثيل التى تقام لتخليد ذكرى العظماء، وإن كان ذلك مكروها فى نظرهم، لأنه قد يجر إلى عبادتها، كما عبدت تماثيل (وَدّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر) وكانت فى الأصل لتخليد ذكرى قوم صالحين كما ورد فى الحديث، ولان الأوْلى فى تخليد العظماء أن يكون بالمنشآت المفيدة كالمدارس والمصحات.

(ج) ولو كانت التماثيل مصنوعة من نحو حلوى أو عجين فقد أجاز أصبغ بن الفرج المالكى اتخاذها.

وذكر القرطبى جواز ذلك عند تفسير قوله تعالى فى سبأ {يعملون له ما يشاء من محاريب وتملثيل. . .} .

ثانيا- حكم صنعها: اتفق العلماء على أن صنع هذه التماثيل حرام، وهو من الكبائر إذا قصد من عملها العبادة أو التعظيم على وجه يشعر بالشرك، وذلك للأحاديث السابقة، أما إذا لم يقصد بصنعها ذلك فيحرم إن كانت تامة وليس هناك غرض صحيح من صنعها، وكانت مادتها مما يطول بقاؤه عادة. وذلك لعموم الأحاديث الواردة فى النهى عنه، وقصر بعض العلماء الحرمة على ما قصد به مضاهاة خلق الله.

وبهذا يعرف أن صنع التماثيل الناقصة غير محرم وكذلك وسائل الإِيضاج وتماثيل الحلوى والعجين.

هذا هو حكم النحت، أما الرسم والنقش والتصوير للإنسان وكل ما فيه روح فهناك أربعة أقوال فى الصنع والاقتناء:

ا - التحريم مطلقا، سواء أكانت تامة أم ناقصة فى ظاهرها، وسواء أكانت مكرمة لكونها على ستار أو جدار مثلا أم ممتهنة لكونها فى بساط مفروش مثلا - وذلك لعموم النهى فى الأحاديث المتقدمة.

٢ -تحريمها إذا كانت تامة لا ناقصة.

٣- تحريم إذا كانت مكرمة غير ممتهنة ٤ - جوازها مطلقا، وهو منقول عن القاسم بن محمد أحد فقهاء المدينة السبعة.

على أنهم استثنوا التصوير الشمسى، لأنه حبس ظل بمعالجة كيماوية على نحو خاص، وليست فيه معالجة الرسم المعروفة.

هذا وأما تصوير ما لا روح فيه كالنباتات فلا مانع منه مطلقا، وهو من الفنون الجميلة التى لم يرد نهى عنها لذاتها.

وقد تمنع الصور الحية إذا كان فيها كشف لما أمر الله بستره، أو كان فيها إغراء أو قصد بها ابتزا أو نحو ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>