للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آكل لحم الآدمى]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل يدخل أكل لحم الآدمى فى حكم المضطر إلى التداوى بالحرام؟

الجواب

أثار القرطبى فى تفسيره " ج ٢ ص ٢٢٩ " مسألة قال فيها: إذا وجد المضطر ميتة وخنزيرا ولحم ابن آدم أكل الميتة لأنها حلال أى فى حال - والخنزير وابن اَدم لا يحل بحال، والتحريم المخفف أولى أن يقتحم من التحريم المثقل، وهذا هو الضابط للأحكام، ولا يأكل ابن آدم ولو مات، قاله علماؤنا - أى المالكية - وبه قال أحمد وداود، احتج أحمد بقوله عليه السلام " كسر عظم الميت ككسره حيا ". وقال الشافعى: يأكل لحم ابن آدم ولا يجوز له أن يقتل ذميا، لأنه محترم الدم، ولا مسلما ولا أسيرًا لأنه مال الغير، فإن كان حربيا أو زانيا محصنا جاز قتله والأكل منه. وشنَّع داود على المزنى- صاحب الشافعى - بأن قال:

قد أبحت أكل لحوم الأنبياء. فغلب عليه ابن سريج بأن قال: فأنت قد تعرضت لقتل الأنبياء إذ منعتهم من أكل الكافر. قال ابن العربى: الصحيح عندى ألا يأكل الآدمى إلا إذا تحقق أن ذلك ينجيه ويحييه. وجاء فى " الفتاوى الإسلامية ج ١٠ ص ٣٧١١" قول الشيخ جاد الحق على جاد الحق: وفى جواز أكل لحم الآدمى عند الضرورة قال فقهاء الحنفية-على ما جاء فى الدر المختار للحصكفى وحاشية رد المحتار لابن عابدين فى الجزء الخامس -إن لحم الإنسان لا يباح فى حال الاضطرار ولو كان ميتا، لكرامته المقررة بقول الله تعالى {ولقد كرمنا بنى آدم} الإسراء: ٧٠، وكذلك لا يجوز للمضطر قتل إنسان حى وأكله ولو كان مباح الدم كالحربى والمرتد والزانى المحْصَن، لأن تكريم الله لبنى آدم متعلق بالإنسانية ذاتها، فتشمل معصوم الدم وغيره، وبهذا أيضا قال الظاهرية بتعليل آخر غير ما قال به الحنفية. ويقول الفقه المالكى: إنه لا يجوز أن يأكل المضطر لحم آدمى، وهذا أمر تَعَبُّدى، وصحح بعض المالكية أنه يجوز للمضطر أكل الآدمى إذا كان ميتا، بناء على أن العلة فى تحريمه ليست تعبدية وإنما لشرفه، وهذا لا يمنع الاضطرار، على ما أشار إليه فى الشرح الصغير بحاشية الصاوى فى الجزء الأول. وأجاز الفقه الشافعى والزيدى أن يأكل المضطر لحم إنسان ميت بشروط منها: ألا يجد غيره، كما أجاز للإنسان أن يقتطع جزء نفسه كلحم من فخذه ليأكله، استبقاء للكل. بزوال البعض، كقطع العضو المتاَكل الذى يخشى من بقائه على بقية البدن، وهذا بشرط ألا يجد محرما آخر كالميتة مثلا، وأن يكون الضرر الناشىء من قطع الجزء أقل من الضرر الناشىء من تركه الأكل، فإن كأن مثله أو أكثر لم يجز قطع الجزء، ولا يجوز للمضطر قطع جزء من آدمى آخر معصوم الدم، كما لا يجوز للآخرأن يقطع عضوا من جسده ليقدمه للمضطر ليأكله. وفى الفقه الحنبلى: إنه لا يباح للمضطر قتل إنسان معصوم الدم ليأكله فى حال الاضطرار، ولا إتلاف عضو منه، مسلما كان أو غير مسلم، أما الإنسان الميت ففى إباحة الأكل منه فى حال الضرورة قولان، أحدهما لا يباح والآخر يباح الأكل منه، لأن حرمة الحى أعظم من حرمة الميت. قال ابن قدامة فى " المغنى " إن هذا القول هو الأولى.. ثم قال الشيخ جاد الحق فى " ص ٣٧١٢ " ونخلص إلى أنه يجوز اضطراراً أكل لحم إنسان ميت فى قول فقهاء الشافعية والزيدية، وقول فى مذهب المالكية ومذهب الحنابلة، ويجوز أيضا عند الشافعية والزيدية أن يقطع الإنسان من جسمه فلذة ليأكلها حال الاضطرار بالشروط السابق ذكرها. كان هذا ما خلص إليه فى فتواه فى ٥ من ديسمبر ١٩٧٩ م، وفى فتواه فى ١٦ من يناير ١٩٨٠ م قال بالنص: والذى نختاره للإفتاء هو قول الحنفية والظاهرية وبعض فقهاء المالكية والحنابلة القائلين بعدم جواز أكل لحم الآدمى الميت عند الضرورة لكرامته، والضرورة هى دفع الهلاك وحفظ الحياة

<<  <  ج: ص:  >  >>