للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إمام الدولة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل تنصيب إمام للجماعة واجب، وما هى الإجراءات الدينية لذلك؟

الجواب

إقامة رئيس على جماعة أمر يرشد إليه العقل ويؤكده الشرع، فالناس فى حاجة إلى من يحتكمون إليه عند التنازع، ومن يسهر على مصالحهم بجلب الخير لهم ودفع الضر عنهم، وقديما قال الشاعر الجاهلى "الأفوه الأودى".

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم * ولا سراة إذا جهالهم سادوا ومن التوجيهات الإسلامية إذا كان هناك ثلاثة أن يؤمروا عليهم أحدهم فكيف بالجماعة الكبيرة؟ وفقهاء الإسلام مجمعون على وجوب إقامة إمام. مع اختلافهم فى كون هذا الوجوب عقليا أو شرعيا، وبصرف النظر عن أدلة كل فإن النتيجة هى وجوب إقامة إمام. وعلى من يأنس فى نفسه الأهلية أن يتولى الإمامة، فإن لم يتولها أحد خرج من الناس فريقان: أحدهما أهل الاختيار حتى يختاروا إماما، والثانى أهل الإمامة حتى يُنصَّب أحدهم إماما، أى ناخبون ومرشحون. ولابد أن يكون الناخبون عدولا عالمين بمن يختارونه، وذوى رأى وحكمة ليستطيعوا اختيار أفضل المرشحين ولابد أن يكون المرشحون عدولا أيضا،. لديهم مقدرة علمية للحاجة إليها فى النوازل والأحكام بالاجتهاد، وحواسهم سليمة كذلك أعضاؤهم التى يباشرون بها التنفيذ، وعلى رأى سديد يؤدى إلى حسن السياسة وتدبير المصالح، وقد اشترط بعض العلماء أن يكون المرشح قرشيا، للنص الوارد فى ذلك، ولكن محله إن وجد، فإن لم يوجد بشروطه رشح لها أصلح الموجودين مراعى فيه قوة مركزه وهيبته.

هذا ما قاله العلماء فى إمام الجماعة، والمسلمون المذكورون فى السؤال إن لم يجدوا من تتحقق فيه هذه الشروط فلا ينبغى أن يتركوا أمرهم سدى، وعليهم اختيار من هو أقرب إلى الخير ليكون رئيسا لهم وعليهم أن يتعاونوا معه بالنصح والتوجيه والطاعة فى المعروف، فإن استقام على الطريقة فبها، وإلا كان لهم عزله وتولية غيره.

هذا ما أراه من المخرج لحالتهم، مراعيا ارتكاب أخف الضررين، أو عدم سقوط الميسور بالمعسور، وظنى أن ذلك لا يتم إلا إذا كانت هذه الجماعة مستقلة استقلالا تاما عن المؤثرات الأخرى التى لا تترك لهم الحرية لتولية من يشاءون، والأمر يحتاج إلى تحرٍّ ودقة ودراسة لكل الظروف لمعرفة مدى إمكان النجاح لهذه العملية فى المناخ الواقع والجو المسيطر

<<  <  ج: ص:  >  >>