للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أول من تكلم العربية]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

من هو أول من تكلم باللغة العربية؟

الجواب

جاء فى تفسير القرطبى" ج ١ ص ٢٨٣"قوله: واختلف فى أول من تكلم باللسان العربى، فروى عن كعب الأحبار أن أول من وضع الكتاب العربى والسريانى والكتب كلها وتكلم بالألسنة كلها آدم عليه السلام، وقاله غير كعب الأحبار.

فإن قيل: قد روى عن كعب الأحبار من وجه حسن قال: أول من تكلم بالعربية جبريل عليه السلام، وهو الذى ألقاها على لسان نوح عليه السلام، وألقاها نوح على لسان ابنه سام. ورواه ثور بن زيد عن خالد بن معدان عن كعب، وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال " أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل وهو ابن عشر سنين " وقد روى أيضا: أن أول من تكلم بالعربية يَعْرُب بن قحطان، وقد روى غير ذلك.

قلنا: الصحيح أن أول من تكلم باللغات كلها من البشر آدم عليه السلام، والقرآن يشهد له، قال الله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} واللغات كلها أسماء، فهى داخلة تحته، وبهذا جاءت السنة، قال صلى الله عليه وسلم " وعلم آدم الأسماء كلها حتى القصعة والقُصيعة" وما ذكروه يحتمل أن يكون المراد به أول من تكلم بالعربية من ولد إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عليه السلام، وكذلك إن صح ما سواه فإنه يكون محمولا على أن المذكور أول من تكلم من قبيلته بالعربية، بدليل ما ذكرنا، والله أعلم، وكذلك جبريل أول من تكلم بها من الملائكة وألقاها على لسان نوح بعد أن علَّمها الله آدم أو جبريل على ما تقدم.

والله أعلم.

وإذا كان القرطبى يرجح أن أول من تكلم بالعربية هو آدم، فقد ذكر أنه قال الشعر العربى الموزون، فنقل عن الثعلبى أنه قال عندما تغيرت الأحوال بسبب قتل قابيل لهابيل:

تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الأرض مُغبَرٌّ قبيح تغير كل ذى طعم ولون * وقَلَّ بشاشة الوجه المليح ثم قال: قال القشيرى وغيره قال ابن عباس: ما قال آدم الشعر، وإن محمدا والأنبياء كلهم فى النهى عن الشعر سواء، لكن لما قتل هابيل رثاه آدم وهو سريانى، فهى مرسية بلسان السريانية أوصى بها إلى ابنه شيث وقال: إنك وصى فاحفظ منى هذا الكلام ليتوارث، فحفظت منه إلى زمان يعرب بن قحطان، فترجم عنه يعرب وجعله شعرا. اهـ وفى التعليق على تفسير القرطبى، قال الآلوسى: ذكر بعض علماء العربية أن فى ذلك الشعر لحنا، أو إقواء، أو ارتكاب ضرورة. والأولى عدم نسبته إلى يعرب أيضا لما فيه من الركاكة الظاهرة، وقال أبو حيان فى "البحر":

ويروى بنصب "بشاشة" من غير تنوين على التمييز، ورفع "الوجه المليح "وليس بلحن.

هذا ما قال العلماء، وليس فيه نص صحيح، إنما هو نقل غير مسند، واجتهاد واستنباط، وذلك لا يوصل إلى حقيقة، وجهلنا بأول من نطق العربية لا يضر العقيدة وعلمنا به لا يحل مشكلاتنا، فالأولى عدم الجدال فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>