للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قطع يد السارق والسارقة]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

هل الإسلام هو الدين الوحيد الذى جاء بقطع يد السارق، أم أنه كان معروفا من قبل؟ وما الحكم لو وصلت اليد بعد قطعها؟

الجواب

جاء فى تفسير القرطبى "ج ٦ ص ١٦٠"أن القطع كان فى الجاهلية، وأول من حكم بذلك هو الوليد بن المغيرة، وأقره الإسلام، وكان أول سارق طبق عليه الحد من الرجال الخِيَار بن عَدِى بن نوفل بن عبد مناف، ومن النساء مُرَّة بنت سفيان بن عبد الأسد من بنى مخزوم - وهى التى قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ولم يقبل الشفاعة فيها كما كان فى الجاهلية يتركون إقامة الحد على ذوى الشرف - وأبو بكر قطع يد الرجل اليمنى الذى سرق عقدًا لأسماء بنت عميس زوجة أبى بكر. وقطع عمر يد ابن سمرة أخى عبد الرحمن بن سمرة.

ولأجل أن يكون قطع اليد عبرة للغير تعلق فى عنق السارق حتى يراها الناس، لأن موضع قطعها قد يوارى ويستر فلا يتعظ أحد، روى أبو داود والنسائى والترمذى وقال: حديث حسن غريب، أى رواه راو واحد فقط أن النبى صلى الله عليه وسلم جىء بسارق فقطعت يده ثم أمر بها فعلقت فى عنقه.

وإذا كان قطع يد السارق حقا لله وحقا للمجتمع فهل يضيع حق المسروق منه؟ ذكر القرطبى "ج ٦ ص ١٦٥ " أن العلماء اختلفوا هل يكون مع القطع غُرْم أو لا؟ فقال أبو حنيفة لا يجتمع الغرم مع القطع، وقال الشافعى:

يغرم قيمة السرقة موسرا كان أو معسرا، وهو قول أحمد وإسحاق، أما مالك وأصحابه فقالوا: إن كانت العين المسروقة قائمة وجب ردها، وإن تلفت فإن كان موسرا غرم، وإن كان معسرا فلا شىء عليه ولا تكون دينا يطالب به، وقيل: يتبع بها دينا مع القطع موسرا كان أو معسرا، وهو قول غير واحد من علماء أهل المدينة. لأنهما حقان لمستحقين فلا يسقط أحدهما الآخر كالدية مع الكفارة. ثم قال: والصحيح قول الشافعى ومن وافقه.

وهنا مسألة أثيرت أخيرا وهى: إذا قطعت يد السارق ثم عولجت بوصلها كما كانت هل يسقط الحد بقطعها أو لابد من قطعها ثانيا لأن حكمة القطع لم تتحقق؟ للعلماء رأيان، رأى بسقوط الحد بمجرد القطع، ورأى بمنعه من وصلها وقطعها إن وصلها، وجهة نظر الرأى الأول أن القطع تمَّ كما أمر الله وهذا كاف فى زجره هو، ولا يُهم إن كان سيتبدل بها يدا صناعية أو يصل يده التى قطعت، فالعقوبة وقعت ولو فى حدها الأدنى، وإذا نفذ القطع علنا كان النكال وكانت العبرة.

ووجهة نظر الرأى الثانى أن العقوبة إذا كانت زجرا له فهى زجر لغيره، ومن أجل ذلك كان تعليق يده بعنقه ليعتبر الناس، فلو وصل ما قطع ضاع معنى العبرة. بل ضاع المعنى فى زجر نفسه هو، إذا عرف أن إعادة يده ممكنة وإن كان فيها بعض الألم.

وقد يقال: إن الخزى حصل للسارق بإثبات السرقة بالشهود، وبإشهار القطع وإعلانه، وهذا كاف فى التأثير عليه وعلى غيره، ولا يهم بعد ذلك وصل يده أو تعويضها بيد صناعية، لكن أيضا يقال: إنه لو كرر السرقة تقطع اليد الأخرى لتعطيله عنها فلو صح الوصل لضاعت الحكمة.

الرأيان مطروحان للمناقشة، وللظروف دخل فى ترجيح أحدهما على الآخر إذا أعوز الدليل القوى

<<  <  ج: ص:  >  >>