للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التشفى بالموت والمصائب]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

توفى لنا زميل فى حادثة ففرح أحد الزملاء وقال:

الحمد لله، قد انتقم منه الله، لأنه حرمنى من علاوة بدون وجه حق، فهل هذا القول جائز؟

الجواب

لا شك أن الموت من أعظم ما يقع بالمؤمنين من الابتلاء له ولمن يتركهم بعده، وعند المصائب يجب الاعتبار والاتعاظ، والرحمة الإنسانية تحمل على الحزن بل والبكاء مهما كانت معاملة الميت، لقد قام النبى صلى الله عليه وسلم لجنازة، ولما قيل له: إنها ليهودى قال "أليست نفسا"؟ رواه البخارى ومسلم.

وليعلم كل إنسان أن التشفى بالموت ليس خلقا إنسانيا ولا دينيا، فكما مات غيره سيموت هو، وهل يسر الإنسان إذا قيل له: إن فلانا يسعده أن تموت؟ والنبى- صلى الله عليه وسلم قال "لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك "رواه الترمذى وحسَّنه.

إن الشماتة بالمصائب التي تقع للغير تتنافى مع الرحمة التى يفترض أنها تسود بين المسلمين والنبى صلى الله عليه وسلم -على الرغم من إيذاء أهل الطائف له - لم يشأ أن يدعو عليهم بالهلاك وقد خيره جبريل فى ذلك، ولكن قال فى نبل وسمو خلق "لا، بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا" ثم تسامى فى النبل والكرم فدعا لهم بالهداية والمغفرة.

ولما منع ثمامة بن أثال عن قريش إمدادهم بالطعام، وقد كانوا فى قحط، لم يظهر الرسول بهم شماتة ولم يفرح لما أصابهم، بل أمر بإمدادهم بما كان معتادا، عندما ناشدوه الله والرحم وسألوه بأخلاقه السمحة المعهودة فيه. وقد قال فى صفات المنافقين "وإذا خاصم فجز ومن الفجور الشماتة.

إن الشماتة بالغير خلق الكافرين والمنافقين الذين قال الله فيهم {إن تمسسكم حسنة تسؤهم. وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها. وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} آل عمران: ١٢٠، ألا فليعلم الشامتون بغيرهم أن الأيام دول والشاعر الحكيم يقول:

فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا قال الله تعالى عندما شمت الكافرون بالمسلمين فى غزوة أحد {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس} آل عمران: ١٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>