للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مدح الإنسان نفسه]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

في بعض الأحيان يضطر الإنسان إلى التعريف بنفسه إذا وجد فى جماعة يجهلونه حتى يعرفوا له قدره، فيذكر مركزه العلمى وإنتاجه ونسبه وما إلى ذلك فهل هذا يجوز؟

الجواب

من أحسن من أجاب على هذا السؤال الإمام النووى فى كتابه "الأذكار" فقال فى ص ٢٧٦: قال الله تعالى {فلا تزكوا أنفسكم} النجم: ٣٢ اعلم أن ذكر محاسن نفسه ضربان، مذموم ومحبوب، فالمذموم أن يذكره للافتخار وإظهار الارتفاع والتميز على الأقران وشبه ذلك. والمحبوب أن يكون فيه مصلحة دينية، وذلك بأن يكون آمرا بالمعروف أو ناهيا عن منكر أو ناصحا أو مشيرا بمصلحة أو معلِّما أو مؤدبا أو واعظا ومذكرا أو مصلحا بين اثنين أو يدفع عن نفسه شرا أو نحو ذلك، فيذكر محاسنه ناويا بذلك أن يكون هذا أقرب إلى قبول قوله واعتماد ما يذكره، أو أن هذا الكلام الذى أقوله لا تجدونه عند غيرى فاحتفظوا به، أو نحو ذلك.

وقد جاء فى هذا المعنى ما لا يحصى من النصوص، كقول النبى صلى الله عليه وسلم "أنا النبى لا كذب، أنا سيد ولد آدم، أنا أول من تنشق عنه الأرض، أنا أعلمكم بالله وأتقاكم، إنى أبيت عند ربى" وأشباهه كثيرة، وقال يوسف صلى الله عليه وسلم {اجعلني على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم} يوسف: ٥٥ وقال شعيب صلى الله عليه وسلم {ستجدنى إن شاء الله من الصالحين} القصص: ٢٧ وقال عثمان رضى الله عنه حين حصر ما رويناه فى صحيح البخارى أن قال:

ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من جهز جيش العسرة فله الجنة" فجهزتهم، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من حفر بئر رُومة فله الجنة" فحفرتها فصدقوه بما قال: وروينا فى صحيحيهما عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه أنه قال حين شكاه أهل الكوفة إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقالوا: لا يحسن يصلى، فقال سعد: والله إنى لأول رجل من العرب رمى بسهم فى سبيل الله تعالى ولقد كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وذكر تمام الحديث. وروينا فى صحيح مسلم عن على رضى الله عنه قال: والذى فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبى صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا يحبنى إلا مؤمن، ولا يبغضنى إلا منافق، ومعنى برأ: خلق، والنسمة: أى النفس، وفى البخارى ومسلم عن أبى وائل قال: خطبنا ابن مسعود رضى الله عنه فقال: والله لقد أخذت من فى رسول الله صلى الله عليه وسلم -أى من فمه-بضعا وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى من أعلمهم بكتاب الله تعالى وما أنا بخيرهم، ولو أعلم أن أحدا أعلم منى لرحلت إليه، وفى صحيح مسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه سئل عن البدنة إذا أزحفت - وقفت من الإعياء- فقال: على الخبير سقطت، يعنى نفسه، وذكر تمام الحديث، ونظائر هذا كثيرة لا تنحصر.، وكلها محمولة على ما ذكرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>