للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القصاص من المسلم للكافر]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

لو قتل مسلم كافرا هل يقتص من المسلم ويقتل؟

الجواب

يقول الله سبحانه فى شأن اليهود والتوراة {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} المائدة: ٤٥ ويقول فى المسلمين {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} البقرة: ١٧٨.

فالقصاص فى القتل مشروع فى الإسلام وقبل الإسلام، مشروع بين أهل كل دين فيما بينهم، النفس اليهودية بالنفس اليهودية، والنفس المسلمة بالنفس المسلمة، أما إذا قتل مسلم شخصا غير مسلم فهل يقتص منه بالقتل؟ يقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخارى وغيره عن على رضى الله عنه فى محتويات الصحيفة "لا يقتل مسلم بكافر" وفى رواية لأحمد والنسائى وأبى داود "ولا ذو عهد فى عهده" وروى أحمد وابن ماجه والترمذى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى ألا يقتل مسلم بكافر، وفى رواية ولا ذو عهد فى عهده. وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن سالم عن أبيه أن مسلما قتل رجلا من أهل الذمة فرفع إلى عثمان رضى الله عنه فلم يقتله، وغلَّظ عليه الدية، قال ابن حزم: هذا فى غاية الصحة، فلا صح عن أحد من الصحابة شىء غير هذا، إلا ما رويناه عن عمر أنه كتب فى مثل ذلك أن يقاد به، ثم ألحقه كتابا فقال: لا تقتلوه ولكن اعتقلوه "نيل الأوطار للشوكاني ج ٧ ص ١٠ " قال الشوكاني "ص ١١ " فيه دليل على أن المسلم لا يقتل بالكافر. أما الكافر الحربى فذلك إجماع كما حكاه صاحب البحر. أما الذمى فذهب الجمهور إليه، لصدق اسم الكافر عليه. وذهب الشعبى والنخعى وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يقتل المسلم بالذمى. وفى هذا الاستدلال مناقشة.

فرأى الجمهور أقوى بدليل ما ذكره الشافعى فى "الأم" أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ذلك فى خطبة يوم الفتح بسبب القتيل الذى قتلته خزاعة وكان له عهد، فقال النبى صلى الله عليه وسلم "لو قتلت مسلما بكافر لقتلته به " وقال "لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد فى عهده " فأشار بقوله "لا يقتل مسلم بكافر إلى تركه الاقتصاص من الخزاعى بالمعاهد الذى قتله، وبقوله "ولا ذو عهد بعهده" إلى النهى عن الإقدام على ما فعله القاتل المذكور، فيكون قوله "ولا فو عهد فى عهده" كلاما تاما لا يحتاج إلى تقدير.

ومما استدل به الحنفية قوله تعالى {أن النفس بالنفس} فهو حكم عام بين كل نفسين، ويرد عليه بأن هذا العموم الذى فى الآية مخصص بأحاديث الباب "عنوان الباب فى الكتاب".

ومن أدلتهم أيضا حديث أن النبى صلى الله عليه وسلم قتل مسلما بمعاهد، وقال "أنا أكرم من وفى بذمته" ويرد عليه بأنه حديث مرسل، وفى سنده من هو ضعيف.

ومن أدلة الجمهور من القرآن قوله تعالى {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} النساء: ١٤١ وقوله {لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة} الحشر: ٢٠ وكذلك من أدلتهم من السنة عدم القصاص من المسلم الذى لطم اليهودى القائل: لا والذى اصطفى موسى على البشر رواه مسلم وحديث "الإسلام يعلو ولا يعلى عليه "وهو حديث فيه مقال، لكنه علقه البخارى فى صحيحة

<<  <  ج: ص:  >  >>