للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصحف والمجلات]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

نحن مضطرون إلى قراءة الصحف والمجلات للاطلاع على الأخبار وزيادة المعلومات، ولكن نجد فيها أمورا خارجة أحيانا عن الدين والذوق، كالصور الفاضحة والإعلانات عن سهرات راقصة، وترويج أفكار شاذة وغير ذلك، فهل نقاطع الصحف أم ماذا نفعل، وهل من الدين نشر هذه الأشياء؟

الجواب

يطلق الكتَّاب على الصحافة اسم السلطة الرابعة -بعد التشريعية والتنفيذية والقضائية- لقوة أثرها فى توجيه الشعب وفى إصدار الأحكام على الأشخاص والتصرفات، وتكوين الرأى العام، وهى تقوم على الإعلام والإخبار، وعلى الرأى والمعلومات المتنوعة.

والصحافة بهذا المفهوم لم يعرف أول نشأتها، فقيل: إن أقدم جريدة هى " كين بان " الصينية التى صدرت عام ٩١١ قبل الميلاد، وقيل: هى " الوقائع الرسمية" الرومانية التى صدرت عام ٥٨ قبل الميلاد، وكان مؤسسها هو " يوليوس قيصر" ثم دخلت الصحافة عصرها الحديث بعد اختراع الطباعة، فظهرت أول صحيفة باسم "لاغازيت " وكانت أسبوعية من ثمان صفحات لنشر أخبار فرنسا وأوروبا ثم انتشرت فى العالم " جريدة القبس ٩ / ٢ / ١٩٧٥ م ".

ويذكر الدكتور خليل صابات أن أول صحيفة فى العالم العربى ظهرت هى: الوقائع المصرية بالقاهرة سنة ١٨٢٨ م، وبريد الجزائر بالجزائر سنة ١٨٣٠ م، وحديقة الأخبار ببيروت سنة ١٨٥٨ م، والرائد التونسى بتونس سنة ١٨٦٠ م، وسورية بدمشق سنة ١٨٦٥ م وطرابلس غرب بطرابلس سنة ١٨٦٦ م، وزوراء ببغداد سنة ١٨٦٩ م، وصنعاء بصنعاء سنة ١٨٧٧ م، وحجاز بمكة المكرمة سنة ١٨٨٢ م، والمغرب بطنجة سنة ١٨٨٩ م، والغازيتة السودانية بالخرطوم سنة ١٨٩٩ م. وكان صدور العدد الأول من الوقائع المصرية في يوم الثلاثاء ٢٤ أو ٢٥ من جمادى الأولى سنة ١٢٤٤ هـ " ٣ من ديسمبر سنة ١٨٢٨ م " " الأهرام ٤ / ١٢ / ١٩٧٨، ٧ / ٧ / ١٩٨٤ ".

وكانت الأخبار فى الجاهلية تنشر عن طريق الشعراء والرواة والأسواق كعكاظ ومجنة وذى المجاز، وهى تحمل الصدق والكذب فى المدح والهجاء، وجاء فى ذلك قول الله تعالى {والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم فى كل واد يهيمون.

وأنهم يقولون ما لا يفعلون. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظُلموا وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون} الشعراء: ٢٢٤-٢٢٧.

وتعددت وسائل الإِعلام وتطورت، وكثر منها فى هذه الأيام الصحافة بأنواعها المختلفة، والإِذاعة المسموعة والمرئية، والكتب والنشرات وما إليها، وهى -كما قلنا- تقوم على نشر الأخبار وعلى التعليق عليها أو على أشياء أخرى، وعلى نشر الأفكار ومناقشتها للتأييد أو الرفض إلى غير ذلك من الموضوعات، والواجب عليها الالتزام بالقيم والآداب والقوانين التى تضمن لها عدم الانحراف، وتضمن نجاحها فى رسالتها، ومن ذلك:

١ -التزام الصدق فى نقل الأخبار، بالتحرى عنها والتثبت منها، وعدم التعجل فى النشر للفوز بالسبق الصحفى، وأدلة ذلك مذكورة فى موضوع الإِشاعة.

٢ - نشر المعلومات المفيدة التى تحكمها القيم الدينية والقوانين الصحيحة، والبعد عن ترويج الأفكار الشاذة والمنحرفة.

٣-الحيدة فى التعليق ونقد الآراء وعدم التحيز والتعصب والخروج بذلك عن حدود الآداب.

٤ - البعد عن نقد الثوابت من قواعد الدين، لأن ذلك يؤدى إلى رفضها وبلبلة الأفكار حولها، والنصوص فى ذلك كثيرة.

٥ -إذا كانت القوانين تحمى حرية الرأى والصحافة فليس معنى ذلك أنها حرية مطلقة، ولكن هى مقيدة بقيود الثوابت من شعائر الدين والأخلاق والأعراف الصحيحة.

٦ - الرقابة الشديدة على الصحافة ووسائل الإعلام لضمان عدم انحرافها، ووضع العقوبات الرادعة على المخالفات، وبخاصة على الإِشاعات والأخبار الخطيرة فى الحرب والسياسة مثلا.

٧ - العناية الشديدة بالناحية الدينية تحريرا ونشرا ورقابة وجزاء، فللدين أثره الذى لا ينافس فى تصحيح الفكر وتقويم السلوك.

وعلى من يقرؤون الصحف ألا يسارعوا فى تصديق أخبارها الفردية التى لم تصدر عن جهة موثوق بها، والمبادرة بالرد على الأكاذيب من الأخبار والأفكار، ولا أقول بمقاطعتها تماما، فلا غنى عنها. وبالجملة فإن رسالة الصحافة والإِذاعة ووسائل الإِعلام الأخرى تقوم على أمور أربعة أساسية: نظافة النشر، ويقظة التلقى، وصدق الرقابة، وعدالة الجزاء.

وهى كلها متضامنة فى تحقيق رسالتها، والتقصير فى واحد منها يؤدى إلى انحرافها الذى يجرف أمامه المتهم والبرىء {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} الأنفال:٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>