للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا سِيَّما

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

يخطئ كثير من المتحدثين فى شكل الكلمة التى تلى تعبير "لاسيما" فهل من توضيح للنطق الصحيح؟

الجواب

معلوم أن القرآن الكريم نزل باللغة العربية، والحديث النبوى نقل إلينا باللغة العربية، واستنباط الأحكام الشرعية منهما لابد فيه من معرفة اللغة العربية نحوًا وصرفا، وبلاغة، فقد يكون الحكم صحيحا فى رفع آخر الكلمة، وخطأ فى نصبه أو جره، بل قد يؤدى الخطأ فى الإعراب إلى الكفر، كما قرأ بعض المسلمين " أن الله برىء من المشركين ورسوله " بجر اللام من " رسوله " والصواب رفعها، فالمعنى على الجر أن الله برىء من الرسول كما أنه برىء من المشركين، واعتقاد ذلك كفر.

والمعنى على الرفع أن الرسول برىء من المشركين كما أن الله برىء منهم، وهذا صحيح.

ومن أجل خطورة اللحن فى القرآن أشار علىّ رضى الله عنه على أبى الأسود الدؤلى بوضع قواعد علم النحو.

وأصبح تعلم النحو واجبًا لصحة القراءة وصواب استنباط الحكم والحماية من الخطأ.

وعبارة " لا سيما" قال العلماء فى إعرابها: "لا" نافية للجنس، و "سِىَّ" تشبه كلمة "مثل" وزنا ومعنى، وهى اسم "لا" وخبرها محذوف وجوبا، ويقدر بكلمة "ثابت" ومعنى "لا سيما" لا يوجد مثيل لما يأتى بعدها.

وأصل " سِىَّ" سِوْىْ، قلبت الواو ياء، لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون، وأدغمت فى الياء.

ويجوز فى الإِسم الواقع بعد "ما" من عبارة "لا سيما" الجر والرفع مطلقا، والنصب إن كان نكرة. وقد روى بالأوجه الثلاثة قول امرئ القيس:

ألا رب يوم صالح لك منهما * ولا سيما يوم بدارة جلجل والجر أرجحها، وهو إضافة " سىَّ" إليه و "ما" زائدة بينهما، مثلها فى قوله تعالى {أيما الأجلين} القصص: ٢٨.

وأما الرفع فهو على أنه خبر لمبتدأ محذوف و "ما" موصولة، أى اسم موصول، والجملة بعدها صلة للموصول لا محل لها من الإعراب أو تكون "ما" نكرة موصوفة بالجملة بعدها فهى فى محل جر، والتقدير ولا مثل شىء هو رفيقه و "سىَّ" مضاف، و"ما" مضاف إليه، فعلى كل من وجهى الجر والرفع تكون فتحة " سىَّ " فتحة إعراب، لأن اسم "لا" النافية للجنس إذا كان مضافا يكون منصوبا.

وأما نصب النكرة بعدها فعلى التمييز، و "ما" كافة عن الإِضافة والفتحة فتحة بناء، مثلها فى "لا رجل" والمعرفة لا يجوز نصبها عند الجمهور، وجوز بعضهم نصبها، بجعل "ما" كافة، و"لا سيما" بمنزلة "إلا" الاستثنائية، فما بعدها منصوب على الاستثناء، كما جاء فى حواشى الأشمونى:

وما يلى "لا سيما إن نكرا * فاجرر أو ارفع ثم نصبه اذكرا فى الجر "ما" زيدت وفى رفع ألف * وصْلٌ لهما وتنكيرٌ وصف وعند رفع مبتدا قدِّر وفى * رفع وجر أعربن "سى" تفى وانصب مميزا وقل "لا سيما * يوم" بأحوال ثلاث فاعلما والنصب إن يعرف اسم فامنعا * وبعد "سىِّ" جملة فوقعا أجاز ذا الرَّضى ولا تحذف "لا" * من "سيما" و"سى" خفف تفضلا وامنع على الصحيح الاستثنا بها * ثم الصلاة للنبى ذى البها " حاشية الصاوى على شرح الدردير للخريدة ".

أنا أعلم أن هناك صعوبة -عند البعض- فى فهم هذا الكلام، وبخاصة الشعر، فليكن رياضة ذهنية لمن يهتمون بذلك، أما غيرهم فيكفى أن يعرفوا أن الاسم الذى يأتى بعد "لا سيما" يجوز رفعه وجره مطلقا، أى إن كان نكرة أو معرفة، أما نصبه فلا يجوز إلا إذا كان نكرة. فإذا قلت: أنا أحب الطلاب ولا سيما المجتهد، جاز لك الرفع والجر فقط، وإذا قلت: أنا أحب الطلاب ولا سيما مجتهد، جاز لك الرفع والجر والنصب أيضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>