للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأدب]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

نسمع بعض الناس يقولون: الأدب فضلوه على العلم، فما هو هذا الأدب المفضل على العلم؟

الجواب

جاء فى كتاب غذاء الألباب للسفارينى "ج ١ ص ٢٤" أن الأدب فى اللغة الظرف وحسن التناول، يقال: أدُبَ كحسُن فهو أديب، وجمعه أدباء، وأدَّبه علمه فتأدب، قاله فى القاموس، وفى "المطلع " الأدب - بفتح الهمزة في والدال - مصدر أدب الرجل - بكسر الدال - وضمها لغة - إذا صار أديبا فى خلق أو علم، والخلق - بضم الخاء واللام -صورة الإنسان الباطنة، وبفتح الخاء صورته الظاهرة.

وقال الحافظ ابن حجر فى شرح البخارى: الأدب استعمال ما يحمد قولا وفعلا، وعبر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق.

وقيل: الوقوف مع المستحسنات، وقيل: هو تعظيم من فوقك، والرفق بمن هو دونك. انتهى.

وقال السهر وردى: الناس على طبقات، أهل الدنيا وأهل الدين وأهل الخصوص، فأدب أهل الدنيا الفصاحة والبلاغة وتحصيل العلوم - وأخبار الملوك وأشعار العرب، وأدب أهل الدين مع العلم رياضة النفس وتأديب الجوارح وتهذيب الطباع وحفظ الحدود وترك الشهوات وتجنب الشبهات. وأدب أهل الخصوص حفظ القلوب ورعاية الأسرار واستواء السر والعلانية.

وقال ابن فارس: الأدب دعاء الناس إلى الطعام، والمأدبة الطعام لسبب أو غيره والأدب - بالمد - الداعى، واشتقاق الأدب من ذلك كله أمر قد أجمع على استحسانه، وفى الحديث " القرآن مأدبة الله فى الأرض " يعنى مدعياته، شبه القرآن بصنيع صنعه الناس لهم فيه خير ومنافع، وفى العرف ما دعا الخلق إلى المحا مد ومكارم الأخلاق وتهذيبها.

يقول السفارينى: اعلم أن تعلم الآداب وحُسن السمت والقصد والحياء والسير مطلوب شرعا وعرفا.

وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال " الهدى الصالح والسمت والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة " وقال النخعى: كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه - العلم - نظروا إلى سمته وصلاته وإلى حاله، ثم يأخذون عنه. قال عمر رضى الله عنه: تأدبوا ثم تعلموا. وقال ابن عباس: اطلب الأدب فإنه زيادة فى العقل ودليل المروءة، مؤنس فى الوحل ة وصاحب فى الغربة ومال عند القلة، رواه الأصبهانى فى منتخبه.

وقال أبو عبد الله البلخى: أدب العلم أكثر من العلم. وقال الإمام عبد الله بن المبارك: لا ينبل الرجل بنوع من العلم ما لم يزين علمه بالأدب. ذكره الحاكم فى تاريخه، ويروى عنه أيضا أنه قال: طلبمت العلم فأصبت منه شيئا، وطلبت الأدب فإذا أهله قد بادوا. وقال بعض الحكماء: لا أدب إلا بعقل، ولا عقل إلا بأدب، وكان يقال: العون لمن لا عون له الأدب.،تجال الأحنف بن قيس: الأدب نور العقل كما أن النار نور البصر.

وقال الحجاوى فى شرحه: يقال: مثل الإيمان كمثل بلدة لها خمسة حصون، الأول من ذهب، والثانى من فضة، والثالث من حديد، والرابع من آجر- طوب أحمر-والخامس من لبن - طوب نىء -فما زال أهل الحصن متعاهدين حصن اللبن لا يطمع العدو فى الثانى، فإذا أهملوا ذلك طمعوا فى الحصن الثانى ثم الثالث حتى تخرب الحصون -كلها، فكذلك الإيمان فى خمسة حصون:

اليقين ثم الإخلاص ثم أداء الفرائض ثم السنن ثم حفظ الآداب. فما دام يحفظ الآداب ويتعاهدها فالشيطان لا يطمع فيه، وإذا ترك الآداب طمع الشيطان فى السنن ثم فى الفرائض ثم فى الإخلاص ثم فى اليقين

<<  <  ج: ص:  >  >>