للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكفارة والفدية]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

فى بعض الكتب نقرأ عبارة من فعل كذا وجبت عليه كفارة، كما نقرأ عبارة: من فعل كذا وجت عليه فدية، فما بين الكفارة والفدية، وفى أى المواضع يكون كل منهما؟

الجواب

أولا الكفارة مأخوذة من الكفر وهو الستر، لأنها تستر الذنب، وهى نوعان مغلظة ومخففة، والمخففة تسمى فدي الذنب محوه من صحف الملائكة بناء على أن الكفارات جوابر للخلل الواقع كسجود السهو الجابر لخلل الصلاة، تفتقر إلى نية.

وقيل المراد بستر الذنب تخفيفه الإثم ومواراته عن الملائكة مع بقائه فى صحفهم بناء على أن الكفارات زواجر عن العود لمثل الذنب كالحدود والتعازير، والذى انتهى إليه كلامهم أنها جوابر فى حق المسلم زواجر فى حق الكافر.

والكفارات أربعة: كفارة الظهار وكفارة القتل وكفارة الجماع فى نهار رمضان الإفطار المتعمد فى رمضان فيه هذه الكفارة المغلَّظة حتى لو كان بغير الجماع عند الأحناف وال. والخصال فى الثلاثة الأولى مرتبة، والرابعة مرتبة مخيرة، وذلك على النحو التالى:

الواجب فى الكفارات الثلاثة إعتاق رقبة مؤمنة، قال تعالى فى الظهار {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعو فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ... } [المجادلة: ٣، ٤] وقال صلى الله عليه وسلم فى كفارة الجم لرجل وقع منه ذلك " هل تجد ما تعتق رقبة " قال: لا، قال: " فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين " قال:

فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا " قال: لا، ثم جلس فأتى النبى صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال:

: على أفقر منا؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منَّا، فضحك النبى صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم أهلك " رواه الشيخان وفى رواية لأبى داود، فأتى بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعا. والعرق مكتل ينسج من خ يسع خمسة عشر صاعا، بخلاف الفرق يقال له الزنبيل فإنه يسع ستة عشر رطلا. واللابتان هما الحرتان، والحر الحجارة السود. وهما حدود الحرم النبوى. فإن عجز عن إعتاق الرقبة وجب صيام شهرين متتابعين، بدليل الآ السابقين، وينقطع التتابع بالإفطار ولو بعذر، كسفر ومرض فيجب الاستئناف ولو كان الإفطار فى اليوم الأخي بحيض أو نفاس، وذلك فى كفارة المرأة عن القتل لأنه هو الذى يتصور منها، بخلاف الظهار والجماع فلا كفارة فيهما عليها مذهب الجمهور أن الرجل والمرأة سواء فى كفارة اأكرهت المرأة عليه. وأما كفارة اليمين فالواجب فيها ـ عند العجز عن الخصال لثلاثة فيها ـ ثلاثة أيام والتتابع. ومثل الحيض والنفاس الجنون والإغماء المستغرق أما تخلل عيد الفطر أو النحر فموجب لاستئناف الش فإن عجز عن صوم الشهرين وجب إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد، بدليل الآية والحديث السابقين ولا يجوز ذلك كفارة القتل، اقتصارا على الوارد فيه وهو العتق ثم الصوم. ولا يجوز عند الشافعية حمل المطلق وهو آية االإطعام على المقيد وهو آية الظهار وحديث الوقاع فى رمضان المذكور فيهما الإطعام، لأن هذا الحمل يكون ف التوابع كالإيمان الذى هو وصف الرقبة، ولا يكون فى الأصول أى الخصال المستقلة كالإطعام فإنه خصلة مستقل الكفارة كما حمل مطلق اليد فى التيمم على تقييدها بالمرافق فى الوضوء، ولم يحمل ترك الرأس والرجلين فيه الوضوء. والمرافق وإن كانت جزءًا لا وصفا فهى تابع لكل والوصف تابع للأصل. وكذلك عند مالك وأبى حنيفة بعض فقهاء مذهبى الشافعى وأحمد أنه قياسا على الظهار يجوز الإطعام عند العجز عن الصوم، وفى فتاوى ابن ت ذكر الإطعام فى مواضع (ص ١ ٦ ١، ٠ ١٧) ولم يذكر فى بعضها الآخر (ص ٤٦ ١،١٥٩) انظر: التشريع الجنائى القادر عودة ج ٢ ص ١٨٤ فقرة ٢١٩ نقلا عن: شرح الدرديرج ٤ ص ٤ ٢٥، البحر الرائق ج ٨ ص ٣٢٩ والمهذب ج ٢ ص ٢٣٤ والمغنى ج ٠ ١ ص ٤١.

والواجب فى كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين من غالب قوت البلد لكل منهم مدُّ، أو كسوتهم مما يعتاد لبسه، ومنه القميص والإزار والطرحة والفوطة التى يجفف بها، أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن عجز عن ذلك وجب صيام ثلاثة أيام ولو متفرقة. ولو عجز عن خصال الكفارة استقرت فى ذمته، فإذا قدر على خصلة فعله ثانيا ـ الفدية ثلاثة أنواع:

١ ـ مُدُّ،وذلك للإفطار فى رمضان لسبب حمل أو رضاع، لقوله تعالى {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قال ابن عباس:

إنها نسخت إلا فى حق الحامل والمرضع كما رواه البيهقى. وذلك حيث كان ابتداء الإسلام يخَّير القادر بين الصوم والفدية من غير قضاء، لمشقة الصوم عليهم بعدم اعتيادهم له، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى:

{فمن شهد منكم الشهر فليصمه} .

وكذلك تكون الفدية مُدًّا لإفطار الكبير والمريض الذى لا يرجى برؤه، حيث يكون العجز أو المشقة فى الصيا فى تأخير قضاء صوم يوم من رمضان بلا عذر إلى رمضان آخر، وذلك عند الشافعية لخبر ضعيف وارد في ذلك، لكن روى موقوفا بإسناد صحيح وأفتى به ستة من الصحابة ولا مخالف لهم عند الأحناف لا فدية فى التأخير حتى يدخل رمضان ـ سواء كان لعذر الفدية فى إزالة شعرة واحدة أو بعضها، وفى تقليم ظفر واحد أو بعضه فى الإحرام بحج أو عمرة، وفى ترك مب ليالى مِنى بلا عذر، وفى ترك رمى حصاة من الجمار، وقطع شىء من نيات الحرم أو صيده. وكذلك فى موت من عليه صيام يوم، وفي الإفطار من صيام يوم نذره.

٢ ـ مدان: وذلك في إزالة شعرتين أو ظفرين فى الإحرام. ومحل إيجاب المد أو المدين إذا اختار الدم، فإن اختار الطعام ففى واحد منهما صاع وفى اثنين صاعان، وإن اختار الصوم ففى واحد صوم يوم وفى اثنين صوم يومين. قال " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ".

وكذلك يكون المدان فى قتل صيد في الحرم أو الإحرام وقطع شجرة كذلك إذا كانت قيمتهما قيمة المدين، وأيضا تقليم ظفرين فى الإحرام، وفى ترك مبيت ليلتين من ليالى منى، أو ترك الرمى لحصاتين من الجمار.

٣ ـ الدم: أى الهدى، ذلك لقتل الصيد فى الحرم أو الإحرام، والوطء بعد إفساد الحج أو التحلل الأول، وإزالة شعرات دفعة واحدة، وتقليم أظفار دفعة واحدة، والتطيب ولبس المخيط أو المحيط على خلاف فى تفسيره. وترك الإحرام من الميقات، وترك طواف الوداع طواف الودع سنة عند للمالكية لا شئ فى ترك والمبيت ليالى مِنى، ورمى الجمار، وترك المبيت بمزدلفة، وكذلك يكون الدم فى قطع شجرة فى الحرم أو الإحرام فى الكبيرة بقرة وفى الصغير شاة ـ وفى التمتع والقران ويوات النسك والإحصار عنه وإفساده بوطء ففيه بدنه وفى دهن الشعر للمح

<<  <  ج: ص:  >  >>