للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المرتد التائب]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

لو ارتد مسلم واستمر مدة على ردته ولم يقم عليه حد الردة، ثم عاد إلى الإسلام واستقام، هل تبطل أعماله التى عملها وقت إسلامه من صلاة وزكاة وصيام وحج ويجب عليه أن يقضيها، أو لا تبطل، وهل ما تركة من صلاة وصيام وقت ردته يجب عليه قضاؤه بعد توبته وعودته إلى الإسلام أو لا يجب؟

الجواب

إضافة إلى ما سبق فى ص ١٨٧ من المجلد الرابع من هذه الفتاوى أقول:

يقول الله سبحانه {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} الأنفال: ٣٨،ويقول تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} البقرة: ٢١٧.

قال العلماء: هناك فرق بين الكافر الأصلى إذا أسلم وبين المرتد إذا تاب وعاد إلى الإسلام. فالأول يبدأ تكليفه من وقت إسلامه، ولا يكلف بالصلاة والصيام والعبادات التى لم يقم بها وقت كفره، بناء على أن الكافر غير مخاطب بفروع الشريعة، حيث لا تصح العبادة بدون نية وبدون إسلام. والآية الأولى تدل على ذلك "إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ".

والثانى وهو المرتد قال بعض العلماء ومنهم الشافعية: إذا عاد إلى الإسلام لم تبطل أعماله التى قام بها حين كان مسلما. فقد وقعت صحيحة، وبالتالى لا يكلف بقضائها والآية الثانية قيدت بطلان أعماله بالموت قبل العودة إلى الإسلام "فيمت وهو كافر " أما إذا مات وهو مسلم أى بعد توبته وعودته إلى الإسلام فالآية لا تنطبق عليه.

وقال بعضهم الآخر ومنهم المالكية: إن أعمال المرتد حبطت بمجرد ردته، وعليه أن يقضيها بعد إسلامه.

واستندوا إلى قوله تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك} الزمر: ٦٥، وهو خطاب للنبى صلى الله عليه وسلم والمراد أمته "تفسير القرطبى ج ٣ ص ٤٨ ".

هذا هو الحكم بالنسبة إلى الأعمال التى صدرت منه أثناء إسلامه وقبل ردته. أما بالنسبة لأعماله فى فترة ردته قبل أن يسلم فقد جاء فى تفسير القرطبى"ج ٧ ص ٤٠٣ " قوله: فأما المرتد إذا أسلم وقد فاتته صلوات وأصاب جنايات وأتلف أموالا فقيل: حكمه حكم الكافر الأصلى إذا أسلم لا يؤخذ بشىء مما أحدثه فى حال ارتداه، وقال الشافعى فى أحد قوليه: يلزمه كل حق لله عز وجل وللآدمى بدليل أن حقوق الآدميين تلزمه فوجب أن تلزمه حقوق الله تعالى. وقال أبو حنيفة: ما كان لله يسقط، وما كان للآدمي لا يسقط، قال ابن العربى: وهو قول علمائنا، لأن الله مستغن عن حقه، والآدمى مفتقر إليه، ألا ترى أن حقوق الله عز وجل لا تجب على الصبى.

وتلزمه حقوق الآدميين: قالوا وقوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} عام فى الحقوق لله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>