للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دفع الصائل]

المفتي

عطية صقر.

مايو ١٩٩٧

المبادئ

القرآن والسنة

السؤال

فى الحديث الشريف " من قُتل دون ماله فهو شهيد " فهل إذا هجم علىَّ لص ليسرق مالى فاستغثت وهرب عند حضور الناس فأطلقت عليه المسدس ومات فهل أكون آثما؟

الجواب

هذا الحديث رواه البخارى وغيره، وفيه إباحة الدفاع عن المال، ولكن هل يكون الدفاع بالقتل مطلقا أو له قيود؟ يقول النووى: فيه جواز قتل من قصد أخذ المال بغير حق، سواء كان المال قليلا أو كثيرا، وهو قول الجمهور وشذ من أوجبه. وقال بعض المالكية: لا يجوز - أى القتل - إذا طلب الشىء الخفيف. قال القرطبى- وهو مالكى المذهب - سبب الخلاف عندنا: هل الإذن فى ذلك من باب تغيير المنكر فلا يفترق فى الحال بين القليل والكثير، أو من باب دفع الضرر فيختلف الحال؟ وحكى ابن المنذر عن الشافعى قال: من أريد ماله أو نفسه أو حريمه فله الاختيار أن يكلمه أو يستغيث فإن منع أو امتنع لم يكن له قتاله، وإلا فله أن يدفعه عن ذلك ولو أتى على نفسه، وليس عليه عقل ولا دية ولا كفارة. لكن ليس له عمد قتله. قال ابن المنذر: والذى عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عما ذكر إذا أريد ظلما بغير تفصيل. إلا كل من يحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناء السلطان، للآثار الواردة بالأمر بالصبر على جوره وترك القيام عليه "فتح البارى ج ٥ص ١٤٨ " روى مسلم من حديث أبى هريرة: أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالى؟ قال "فلا تعطه " قال: أرأيت إن قاتلنى؟ قال "فاقتله " قال: أرأيت إن قتلنى؟ قال "فأنت شهيد" قال أرأيت إن قتلته؟ قال "فهو فى النار" فهذا الحديث يبين أن لإنسان أن يدفع عن نفسه وماله ولا شىء عليه، فإنه إذا كان شهيدا إذا قتل فى ذلك فلا قود عليه ولا دية إذا كان هو القاتل.

وأقول لصاحب السؤال: ما دام اللص المعتدى هرب عند حضور الناس الذين استغاث بهم فلا يجوز له قتله، لأنه لم يقاتله بل كان مجردا من السلاح فى الظاهر وعليه فى هذه الحالة تبعات القتل.

يقول الخطيب فى كتابه "الإقناع ج ٢ ص ٢٤٢": ويدفع الصائل بالأخف فالأخف إن أمكن، فإن أمكن دفعه بكلام أو استغاثة حرم الدفع بالضرب، أو بضرب يد حرم بسوط أو بسوط حرم بعصا، أو بعصا حرم بقطع عضو، أو بقطع عضو حرم قتل، لأن ذلك جوز للضرورة.

ولا ضرورة فى الأثقل مع إمكان تحصيل المقصود بالأسهل.

وفائدة هذا الترتيب أنه متى خالف وعدل إلى رتبة مع إمكان الاكتفاء بما دونها ضَمِنَ ويستثنى من الترتيب ما لو كان الصائل يندفع بالسوط والعصا والمصول عليه لا يجد إلا السيف فالصحيح أن له الضرب به، لأنه لا يمكنه الدفع إلا به، وليس بمقصر فى ترك استصحاب السوط ونحوه. وعلى هذا الترتيب إن أمكن المصول عليه هرب أو التجأ لحصن أو جماعة فالمذهب وجوبه وتحريم القتال، لأنه مأمور بتخليص نفسه بالأهون فالأهون، وما ذكر أسهل من غيره فلا يعدل إلى الأشد

<<  <  ج: ص:  >  >>