للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ الْحَال، واقتضيت الْحُقُوق إِلَى آخر مُدَّة مستقضيه رَحمَه الله {وَكَانَت صدر شعْبَان من عَام ٧٠١. وافضى الْأَمر إِلَى وَلَده أبي عبد الله مُحَمَّد، ثَالِث الْأُمَرَاء من بني نصر؛ فَجرى على منهاج أَبِيه فِي الِاغْتِبَاط بقاضيه؛ فأقره على مَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ، وَزَاد فِي التنويه. فظهرت الخطة بواحدها وَصدر رجالها؛ وَبَقِي يَتَوَلَّاهُ إِلَى أَن توفّي، وَذَلِكَ عَام ٧٠٤. ذكره القَاضِي أَبُو عَامر يحيى بن ربيع فِي مزيده وَقَالَ فِيهِ: كَانَ فَقِيها عَارِفًا، أديباً، كَاتبا بارعاً، فَاضلا، لين الْجَانِب، سَمحا، درياً بِالْأَحْكَامِ، عدلا، نزيهاً؛ وَتَوَلَّى الْخطْبَة بِجَامِع الْحَمْرَاء. قَالَ الْمُؤلف رَضِي الله عَنهُ} لله در مُحَمَّد بن هِشَام فِي إصراره على الاباية من الْقَضَاء فِي الْفِتْنَة الأشقيلولية {فَإِنَّهُ جرى فِي تَمنعهُ على منهاج السداد، وَأخذ لنَفسِهِ الْوَاجِب فِي الِاحْتِيَاط. وَقد تقدم صدر هَذَا الْكتاب أَن الدَّاعِي إِلَى الْعَمَل، إِذا كَانَ غير عدل، لم يجز لأحد إعانته على أُمُوره، لِأَنَّهُ مقْعد فِي فعله؛ فَيجب عَلَيْهِ أَن يصبر على الْمَكْرُوه، وَلَا يلى الْعَمَل مَعَه؛ وَإِن كَانَ عدلا، جَازَ، وَقد تسْتَحب لَهُ الْإِعَانَة. وَالله الْمُوفق للصَّوَاب}

ذكر القَاضِي أبي جَعْفَر أَحْمد بن فركون

وَولي بعد ابْن هِشَام قَضَاء الْجَمَاعَة الشَّيْخ الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن أَحْمد الْقرشِي، الْمَعْرُوف بِابْن فركون، أحد صُدُور الْفُقَهَاء بِهَذَا الْقطر الأندلسي اطلاعاً بالمسائل، وحفظاً للنوازل، وَقُوَّة على حمل أعباء الْقَضَاء، وتفنناً فِي المعارف. وَكَانَ رَحمَه الله! منشرح الصَّدْر، مثلا فِي حسن الْعَهْد بِمن عرفه وَلَو مرّة فِي الدَّهْر، مُفِيد المجالسة، رائق المحاضرة، مترفقاً بالضعيف فِي أقضيته، كثير الِاحْتِيَاط عِنْد الِاشْتِبَاه، دَقِيق النّظر، مهتدياً لاستخراج غَرِيب الْفِقْه وغوامض نكت الْعلم، رائق الأبهة، مَوْصُوفا بالنزاهة وَالْعَدَالَة، شَدِيد الْوَقار، مشغلاً عِنْد المواجهة والتجلة، مَعَ التحلي بِالْفَضْلِ، والخلق الرحب، والدعابة الحلوة. طَال يَوْمًا بَين يَدَيْهِ قعُود رجل

<<  <   >  >>