للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذاهب الخوارج، الذين كانوا يسمون أيضا بالحرورية، وكانوا هم يسمون أنفسهم الشراة وهم طوائف متعددة.

ولا يعرف لهم مذاهب فقهية إلا مذهب الإباضية الذى بقى حتى اليوم.

ومذاهب شيعة على رضى الله عنه، وهم طوائف كثيرة جدا، أشهرها الزيدية أتباع زيد بن على زين العابدين بن الحسين الشهيد ابن على. والإمامية وهم فرق أشهرها الشيعة الإمامية الاثنا عشرية (الجعفرية)، والإسماعيلية أو الباطنية ومنهم العبيديون أو الفاطميون الذين ظهروا بالمغرب ثم استولوا على مصر وما جاورها. والمذاهب الثلاثة لا تزال قائمة. وإن كان الغموض حليف فقه الإسماعيلية منذ ظهورها حتى اليوم.

ومذاهب من عدا الخوارج والشيعة أطلق عليها اسم مذاهب أهل السنة، كما أن الشيعة لا يطلقون اسم المؤمن فى كتبهم الفقهية إلا على من كان شيعيا ويسمون أهل السنة المسلمين العوام، والعامة. ورغم أن الكلام فى العقائد كثر جدا وكانت هناك فرق وآراء، وكان أظهر الآراء بين الفقهاء آراء أهل السنة (أشعرية وما تريدية)، والمعتزلة والقدرية والمشبهة وكان من هذه الآراء ما يطعن به بعض الفقهاء على البعض الآخر لينفر من اتباعه، غير أن المذاهب الكلامية لم تكن سببا فى تمييز مذاهب فقهية كما أدى الى ذلك الاختلاف السياسى.

والمذاهب الفقهية كغيرها من الكائنات لا تقوم ولا تحيا إلا بحيويتها هى وقوة مناعتها، وما يكتب لها من القبول، وما يهبها الله سبحانه وتعالى من كثرة الأتباع وقوة عارضتهم وما منحوا من حصافة الرأى

وقد يكون للسلطان دخل فى ذلك ولكنه ليس كل شئ كما يرى ابن حزم، بل هو آخر العوامل فى مثل هذه الأمور الدينية التي يسندها الايمان والاعتقاد أكثر من أى شئ آخر، وإلا فلم كان منصب القضاء والقرب من أولى الأمر سببا فى انتشار مذهب أبى حنيفة فى العراق، ولم يكن سببا لانتشاره فى مصر ولا فى سائر الأقطار الأخرى، مع أن الخلافة واحدة والدولة فى ذروة قوتها؟

وإذا كان سلطان الحكم بن هشام والقربى منه قد أعانا على دخول مذهب مالك وانتشاره بالأندلس فلم لم يقض عليه ما كان بين الحكم نفسه وبين يحيى بن يحيى وزمرة الفقهاء من الفتن والثورات، ولم أعرض المصريون أتم الإعراض عن مذهب الفاطميين وقد بقى سلطانهم بمصر الأمد الطويل وكان لهم من أساليب الدعاية ما هو معروف، ولم لم يحول سلطان الأتراك ونفوذهم أهل مصر عن المذاهب التى يتبعونها؟

إن المسألة مسألة القوة والحيوية للمذهب نفسه ولأتباعه قبل كل شئ.

ولسنا ننكر أن فى كل عصر من يغريهم السلطان والقربى من أهله ومن يرجون النفع باعتناق فكرة أو مذهب معين.

ولكنهم على الدوام تافهون، ولم يكونوا يوما من العوامل القوية التى يكون لها الأثر الواضح فى المحيط‍ العام ولا يتجاوز

<<  <  ج: ص:  >  >>