للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الزيدية]

يرى الزيدية أن ضبط‍ العبد الآبق من حيث الحكم بمعنى الصفة الشرعية مستحب فقد جاء فى حواشى شرح الأزهار «والعبد الآبق كالضالة، فيستحب ضبطه وينفق عليه من كسبه إن كان، وإلا فكالضالة (١)».

أما حكمه بمعنى الأثر المترتب على أخذه فإن يد آخذه يد أمانة فلا يضمن إلا بالتقصير أو التعدى فقد جاء فى البحر الزخار فى كتاب الضالة «ولا يضمن الملتقط‍ إجماعا إلا لتفريط‍ أو جناية إذ هو أمين حيث لم يأخذ لغرض نفسه فإن جنى أو فرط‍ فالأكثر يضمن (٢)».

وقوله هنا فى هذا النص: حيث لم يأخذ لغرض نفسه يريد منه إذا لم يأخذ للتملك لأنه قد قال فى الضالة وإن أخذها ليملك فهو غاصب، وقوله الأكثر يريد منه العترة والأئمة الأربعة والآبق كالضالة من حيث جواز الالتقاط‍ فيأخذ حكمها من حيث ضمان الأخذ وعدم ضمانه. وكذلك يضمن إذا أخذها بنية الرد، ولكنه أعادها إلى حيث كانت فقد جاء فى البحر الزخار» ومن أخذ لمجرد نية الرد لم يضمن ما تلف، فإن ردها إلى حيث كانت ضمن للتفريط‍ (٣).

[الظاهرية]

يرى ابن حزم الظاهرى أن حكم أخذ الآبق من حيث صفته الشرعية أنه فرض، فقد جاء فى كتابه المحلى (والإباق من العبيد والإماء، وما أضل صاحبه منها، والغنم التى تكون ضوال بحيث لا يخاف عليها الذئب ولا إنسان وغير ذلك كله ففرض أخذه وضمه وتعريفه أبدا، فإن يئس من معرفة صاحبها أدخلها الحاكم أو واجدها فى جميع مصالح المسلمين (٤). ثم استدل على أخذ الإباق والضوال من الحيوان والضال من العبيد بقوله، وبقى حكم الحيوان كله حاشا ما ذكرنا (٥) موقوفا على قوله تعالى «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ٦»،} ومن البر والتقوى إحراز مال المسلم أو الذمى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام» فلا يحل لأحد مال أحد إلا ما أحله الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أما حكم أخذ الأبق من حيث الأثر المترتب عليه فإنه يجب على من أخذه أن يعرفه أبدا فإن يئس من معرفة صاحبه أدخلها الحاكم أو الواجد فى جميع مصالح المسلمين ولا يملكه الواحد أبدا، وقد ظهر لك هذا من النقل الذى نقلناه عن المحلى فى أول الكلام عن هذا الموضوع ولكنه يجب عليه قبل التعريف أن يشهد عند أخذه كما يظهر ذلك من قوله: من وجد مالا فى قرية أو مدينة أو صحراء فى أرض العجم أو أرض العرب العنوة أو الصلح مدفونا أو غير مدفون، إلا أن عليه علامة أنه ضرب مدة الإسلام أو وجد مالا قد سقط‍ أى مال كان فهو لقطة وفرض عليه أخذة وأن يشهد عليه عدلا واحدا فأكثر ثم يعرفه ولا يأتى بعلامته وتعريفه هو أن يقول فى المجامع التى يرجو وجود صاحبها فيها أو لا يرجو: من ضاع


(١) شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ٦٨ الطبعة الثانية لسنة ١٣٥٨.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٢٨١.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٢٨.
(٤) المحلى ج‍ ٨ ص ٢٧٠، ٢٧١ طبة دار الطباعة المنيرية.
(٥) والذى ذكره هو الإبل القوية على الرعى وورود الماء فإنها لا يحل أخذها، والغنم التى يخاف عليها الذئب أو غيره فإنها تؤخذ وتصير حلالا لأخذها ولو جاء صاحبها وجدها حية أو مذبوحة.
(٦) سورة المائدة: ٢.
(٧) المحلى ج‍ ٨ ص ٢٥٧.