للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن هل إذا سميا جعلا يكون اللازم ما سميا؟ قد بين هذا صاحب كشاف القناع فقال: «إذا كان المسمى ليس أكثر من المقدر شرعا فإنه حينئذ يكون له ما قدره الشارع وتلغى التسمية، قطع بهذا الحارثى وصاحب المبدع، لأن من أوجب عليه الشارع شيئا مقدرا من المال عند وجود سببه استقر عليه كاملا بوجود سببه (١)».

ومقتضى هذا النص أنه إذا سمى أقل من المقدر شرعا يكون لة المقدر أما إذا لم يسم جعل فإن الجعل يكون ما قدره الشارع كما يفهم من عبارة المحرر السابقة.

وكما روى عن أحمد روايتان فى المقدر شرعا كما يفهم من عبارة المحرر السابقة فيما إذا جاء به من خارج المصر، فقد روى عنه فيما إذا جاء به من المصر نفسه أنه عشرة دراهم أو دينار (٢).

وقد روى عنه أيضا أنه لا جعل فى رد الآبق فقد جاء فى المغنى: «وقد روى عن أحمد أنه لم يكن يوجب ذلك: أى جعلا إذا لم يوجد شرط‍».

قال أبو منصور: «سئل أحمد عن جعل الآبق فقال: لا أدرى، تكلم الناس فيه، لم يكن فيه عنده حديث صحيح. فظاهر هذا أنه لا جعل فيه، وهو ظاهر قول الخرقى ثم علل ذلك بقوله: لأنه عمل لغيره عملا من غير أن يشرط‍ له عوضا (٣)».

والجعل المتفق عليه، أو المقدر شرعا إن لم يكن شرط‍ جعل يستحقه العامل على الرواية الراجحة. وإن زاد على قيمة العبد. وسواء فى ذلك أن يكون الراد معروفا برد الإباق أولا فقد جاء فى المغنى:

«ولا فرق عند إمامنا بين أن يزيد الجعل على قيمة العبد أو ينقص .. ثم علل ذلك بقوله: ولنا عموم الدليل (أى الأدلة التى وردت عن السلف بتقدير الجعل الذى لم يشترط‍). ولأنه جعل يستحق فى رد الآبق، فاستحقه وإن زاد على قيمته كما لو جعله صاحبه … ثم قال إذا ثبت هذا فلا فرق بين كونه من المعروفين برد الإباق أو لم يكن (٤)».

وبهذا يخالفون المالكية فى أنه لا يكون جعل فى حالة عدم الشرط‍ إلا لمن اعتاد رد الإباق.

وقد ينتقل الجعل عندهم من المسمى إلى أجره المثل، وذلك إذا فقد شرطا من شروط‍ صحة الجعل.

فقد جاء فى المغنى: «متى شرط‍ عوضا مجهولا كقوله: إن رددت عبدى فلك ثوب أو فلك سلبه، أو شرط‍ عوضا محرما كالخمر والحر، أو غير مقدور عليه كقوله: «من رد عبدى فله ثلثه، أو من رد عبدى فله أحدهما فرده إنسان - استحق أجر المثل، لأنه عمل عملا بعوض لم يسلم له، فاستحق أجره كما فى الإجارة (٥)».

أما من يكون له الجعل فإنه الراد إن كان هو الذى اتفق معه سيد الأبق أو كان السيد لم يعين أحدا، فقد جاء فى المغنى لابن قدامة: «ويجوز أن يجعل الجعل فى الجعالة لواحد بعينه فيقول له: إن رددت عبدى فلك دينار، فلا يستحق الجعل من


(١) ج‍ ٢ ص ٤١٧ المطبعة الشرفية سنة ١٣١٩.
(٢) المغنى ج‍ ٦ ص ٣٥٦ طبعة المنار سنة ١٣٤٧.
(٣) ج‍ ٦ ص ٣٥٥ الطبعة السابقة.
(٤) ج‍ ٦ ص ٣٥٦، ٣٥٧ طبعة المنار سنة ١٣٤٧.
(٥) ج‍ ٦ ص ٣٥٤ الطبعة السابقة.