للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الظاهرية]

يقول أبن حزم الظاهرى: «لا يجوز الحكم بالجعل على أحد، فمن قال لآخر (أى أجير): إن جئتنى بعبدى الآبق فلك على دينار، أو قال إن فعلت كذا وكذا فلك على درهم أو ما أشبه هذا فجاءه بذلك أو هتف وأشهد على نفسه: من جاءنى بكذا فله كذا فجاءه به - لم يقض عليه بشئ ويستحب لو وفى بوعده - وكذلك من جاءه بآبق فلا يقضى له بشئ (أى من غير ان يهتف ويشهد بالجعل) سواء عرف بالمجئ بالإباق أو لم يعرف بذلك. إلا أن يستأجره على طلبه مدة معروفة، أو ليأتيه به من مكان معروف فيجب ما استأجره به (١)».

وقد علل ذلك بأن هذا فرض عليه حيث يقول: «محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم (٢)».

ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اضاعة المال. وقال تعالى: «وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ} (٣)» ففرض على كل مسلم حفظ‍ مال أخيه إذا وجده. ولا يحل له أخذ ماله بغير طيب نفسه، فلا شئ لمن أتى بآبق، لأنه فعل فعلا هو فرض عليه كالصلاة والصيام ولو أعطاه بطيب نفسه لكان حسنا ولو أن الإمام يرتب لمن فعل ذلك عطاء لكان حسنا (٤).

[الشيعة الإمامية]

أما من حيث مقدار الجعل فإنهم يرون أنه هو ما سماه الجاعل على رد الآبق، ولو لم يسم كان له ما قدره الشارع، وهو دينار إذا أخذه من مصره، فاذا أخذه من غير مصره كان أربعة دنانير، فقد جاء فى شرائع الإسلام للمحقق الحلى: «إذا بذل جعلا فإن عينه فعليه تسليمه مع الرد، وإن لم يعينه لزم مع الرد أجرة المثل إلا فى رد الآبق على رواية أبى سيار عن أبى عبد الله عليه السلام أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم جعل فى الآبق دينارا إذا أخذ فى مصره، وإن أخذ فى غير مصره فأربعة دنانير وقال الشيخ هذا على الأفضل لا على الوجوب. والعمل على الرواية ولو نقصت قيمة العبد … أما لو أستدعى الرد ولم يبذل أجرة لم يكن للراد شئ، لأنه تبرع بالعمل».

وقد يأخذ الواحد بنسبة عمله من المسمى، كما إذا قال من رد عبدى فله كذا فرده جماعة قال فى شرائع الإسلام: إذا قال: من رد عبدى فله دينار فرده جماعة كان الدينار لهم جميعا بالسوية لأن الرد حصل من الجميع … ثم قال: «لو جعل لكل واحد من ثلاثة جعلا أزيد من الآخر فجاءوا به جميعا كان لكل واحد ثلث ما جعل له» … ثم قال: «لو جعل لبعض الثلاثة جعلا معلوما ولبعضهم مجهولا (كأن يقول: أن جئتنى به فلك ثوب أو دابة) فجاءوا به جميعا، كان لصاحب المعلوم ثلث ما جعل له. وللمجهول ثلث أجرة مثله (٥).

ولا جعل إلا لمن سمى له، وإن شاركه غيره كان متبرعا - فقد جاء فى شرائع الإسلام (٦): «لو جعل لواحد جعل على الرد فشاركه أخر فى الرد كان للمجعول له


(١) ج‍ ٨ ص ٢٠٤ طبعة إدارة الطباعة المنيرية.
(٢) سورة الفتح: ٢٩.
(٣) سورة المائدة: ٢
(٤) ج‍ ٨ ص ٢١٠ طبعة إدارة الطباعة المنيرية.
(٥) ج‍ ٢ ص ١١٧ - ١١٨ نشر مكتبة الحياة ببيروت
(٦) ج‍ ٢ ص ١١٨ نشر المكتبة السابقة.