للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء مالكه وأقام البينة على أنه مالكه وحلف أنه لا يزال على ملكه - وهو قائم فى يد المشترى - لا يأخذه ولا ينتقض بيع القاضى، لأنه كحكمه، ولا يؤجره السلطان أو آخذه وينفق عليه من أجرته، لأنه يخشى إباقه، ولا يقاس فى ذلك على الضال، لأن الضال لا يخشى إباقه، كما أنه لا يقاس عليه فى عدم بيعه وإن طالت مدته، لأن الضال ينفق عليه من أجرته فلا يخشى أن تستأصل النفقة ثمنه. أما الآبق فإن دارة النفقة تستأصل ثمنه، ضرورة أن نفقته من ثمنه لا من أجرته (١).

[المالكية]

يرى المالكية أن نفقة العبد الآبق فى رقبته لا فى ذمة سيده، قال الدردير فى الشرح الكبير فى حالة ما إذا أبق العبد الآبق من الملتقط‍: «لا يمين على الملتقط‍ (أى يصدق فى دعواه أنه أبق عنده من غير يمين) لأن نفقته على الآبق فى رقبته فلا يتهم بالتفريط‍ لضياع نفقته عليه (٢)».

ومعنى كونها فى رقبته أنه إذا جاء سيده لأخذه دفعها، لأن الرقبة للسيد، فقد جاء فى حاشية الدسوقى: «إن نفقة الطعام والشراب والكسوة على ربه، ولو وجب للعامل جعل المثل أو المسمى فإذا قام بها العامل رجع بها عليه (٣)».

وقد تقدم فى عنصر (حكم أخذ الآبق) أن الظاهر أنه يرجع على السيد أيضا بما أنفقه على المحافظة على الآبق كأجرة الحارس إذا كان يخشى منه إيذاء لأنها من متعلقات حفظه.

هذا إذا كان من رده غير معتاد لرد الإباق والضلال أما إذا كان معتادا ذلك وقد وجب له الجعل، أو وجب له جعل المثل، فإن نفقة الآبق عليه ولو استغرقت الجعل (٤).

أما إذا كان الآخذ قد رفعه إلى الأمام فإن الأمام ينفق عليه من بيت المال مدة وقفه (أى حفظه)، وهى سنة. فإذا جاء ربه أخذ منه النفقة وردها إلى بيت المال.

أما اذا لم يجئ إلى نهاية السنة فإنه يبيعه، كما أن له أن يبيعه قبل مضيها إن خشى عليه ويأخذ ما أنفق من ثمنه ويرده إلى بيت المال (٥).

[الشافعية]

يرى الشافعية أن الإنفاق على الآبق ممن أخذه ليرده يكون تبرعا إلا إذا كان قد انفق عليه مدة الرجوع بإذن الحاكم، أو يشهد أن لم يجد الحاكم أنه أنفق ليرجع، فقد جاء فى المغنى للخطيب الشربينى: «وإن أنفق عليه مدة الرجوع فمتبرع إلا أن يأذن الحاكم، أو يشهد عند فقده (أى فقد الحاكم وعدم وجوده عنده) ليرجع (٦)».

وليس له حبسه حتى يأخذ النفقة إذا كانت بإذن المالك، كما أنه لا يحبسه حتى يأخذ الجعل، فقد جاء فى المغنى شرح المنهاج: «وإذا رده: أى الآبق على سيده فليس له حبسه لقبض الجعل، لأن الاستحقاق بالتسليم. ولا حبس قبل التسليم. وكذا


(١) فتح القدير ج‍ ٤ ص ٤٣٥ الطبعة الأميرية.
ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٣٥٦ طبعة دار الكتب العربية
(٢) ج‍ ٤ ص ١٢٨ طبعة دار إحياء الكتب العربية.
(٣) ج‍ ٤ ص ٦٥ الطبعة السابقة.
(٤) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير والشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٦٥ الطبعة السابقة.
(٥) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى علية ج‍ ٤ ص ١٢٧ طبعة دار إحياء الكتب العربية.
(٦) ج‍ ٢ ص ٤٣٤ طبعة مصطفى البابى الحلبى واولاده.