للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التمر جل طعامهم، كما كان به التعامل بينهم، فتدفع منه الأجور وتسدد الديوان١، كما كان ينتفعون بكل شيء في النخلة: يأكلون جمَّارها٢ ويستخدمون جريدها في سقوف منازلهم ويعملون من خوصها المكاتل والقفف٣. ويستخدمون جذوعها أعمدة لبيوتهم وحمالات لسقوفها، ويستخدمون الشوك والكرانيف للوقود، كما كانوا يرضخون النوى بالمراضخ حتى يتكسر فيكون علفًا للإبل، فالنخلة من أكرم الأشجار عليهم حتى لقد شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمن بالنخلة كل ما فيه خير.

وتمر المدينة متعدد الأنواع منه الجيد ومنه غير الجيد٤ ومن أشهر أنواعه: الصيحاني، وابن طاب، وعذق زيد، والعجوة، والصرفان وهو نوع من التمر أحمر هو أوزن التمر كله، والجنيب وهو من أجود أنواع التمر، وقد كان ليهود بني النضير نوع فاخر من التمر يقال له اللوز أصفر شديد الصفرة ترى النواة فيه من اللحمة٥.

والشعير هو الغلة الثانية بعد التمر، وكانوا يزرعونه في حقول؛ ولكنهم عادة كانوا يزرعونه تحت النخيل٦ وكان عليه اعتمادهم بعد التمر. وليس لدينا إحصاء عن مقدار غلة المدينة من التمر ومن الشعير، ولكن الراجح أن محصول الشعير كان يساوي ربع محصول التمر٧، وأن محصول التمر كان يكفي حاجة السكان ويسمح ببيع الفائض، بينما كان أهل يثرب يستوردون بعض الشعير لسد النقص في حاجتهم.


١ البخاري ٣/ ٦٣، ٧٦، ٧٠، ٧١، ١١٧، ١٣٧، التراتيب الإدارية: ١/ ٤٠٠- ٤٠٣ السمهودي ٢/ ١٥٥.
٢ البخاري ٣/ ٧٨. "الجمار - شحم النخل وهو أعلى الساق تحت الجريد" القاموس مادة "ج م ر".
٣ الدلالات السمعية ٦٦٩.
٤ البخاري ٣/ ٥٨.
٥ البخاري ٣/ ٥٧، ٦٧، ٧٨، الواقدي ٢٨٩.
٦ إمتاع ١/ ١٨٢، ٣٢٨.
٧ "قياسًا على ما كانت تتجه خيبر وهي واحة شبيهة بالمدينة، فقد كانت تنتج أربعين ألفًا وسق من التمر وعشرة آلاف وسق من الشعير" إمتاع ١/ ٣٢٨- ٣٢٩.

<<  <   >  >>