للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القضاء على بني قريظة]

استطاع رجال بني النضير الذين نزلوا في خيبر أن ينالوا منزلة كبيرة فيها، واستطاعوا أن يغزوا قريشًا بحرب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن يجمعوا لها الأحزاب من القبائل العربية، حتى هاجموا المدينة بجيش قوي عدته عشرة آلاف به قوة كبيرة من الفرسان؛ لكن النبي استطاع أن يتجنب القتال المواجه، كما استطاع أن يوقف تقدم العدو بالخندق الذي حفره حول المنطقة التي تمكن منها اقتحام المدينة، وهي الناحية الشمالية والشمالية الغربية والشرقية، أما باقي الجهات فكان حرارًا يصعب منها الهجوم، وأعانت بنو قريظة بما قدمت للمسلمين من أدوات الحفر من مساح وكرازين ومكاتل، وتركت ناحية العوالي لم يخندق من ناحيتها اعتمادًا على الحصون اليهودية بها، إذ إن قريظة بقيت على ولائها ولم يبد منها ما يكشف عن نية سيئة، ولم تستطع جيوش الأحزاب اجتياز الخندق، ولم يكن الوقت يسمح بالحصار الطويل، إذ كان الوقت شتاء باردًا وليس للقبائل المهاجمة من الاستعداد ما تتقي به البرد للقيام على حصار طويل، لذلك تباحثوا في خطة للظفر السريع أو الانسحاب وخاف حيي بن أخطب النضري مجمِّع الأحزاب أن تفشل خطته، فعمد إلى بني قريظة يغريهم بفتح الطريق أمام جيوش الأحزاب ولم يقبل كعب بن أسد زعيم قريظة في أول الأمر أن ينقض عهده مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن حييًّا ما زال به يقول له: "ويلك يا كعب! قد جئتك بعز الدهر وببحر طام، جئتك بقريش على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة، وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمي إلى جانب أُحد، قد عاهدوني على ألا يبرحوا حتى نستأصل محمدًا ومن معه"١. وقال كعب: "جئتني والله بذُل الدهر، وبجهام قد هراق ماءه فهو يرعد ويبرق ليس فيه شيء! ويحك يا حيي!! فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقًا ووفاءً٢. ولم يزل حيي به حتى نقض كعب عهده مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن بعد أن أعطاه حيي عهدًا وميثاقًا لئن رجعت الأحزاب ليدخلن معه حصنه فيصيبه ما أصابه.


١ ابن هشام ٣/ ٢٣٦.
٢ نفسه.

<<  <   >  >>