للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمِثَال هُوَ سُورَة الْأَعْرَاف.. وهى من الطوَال (٢٠٦ آيَة) ، وَقد تشابكت فِيهَا الموضوعات والقصص، بِمَا يصلح لكَونهَا أنموذجاً لتطبيق مَا أرَاهُ من التناسب فِي سور الْقُرْآن الْكَرِيم..

(١) سُورَة الْأَعْرَاف: لَيْسَ أفضل من سيد قطب.. ليحدد ملامح سور الْقُرْآن، وليرسم - بقلمه الصَّنَاع، وحسِّه المرهف - ملامحها الْخَاصَّة! وَهُوَ يحدد ملامح سُورَة الْأَعْرَاف فِي كَونهَا تقصُّ تَارِيخ رحْلَة موكب الْإِيمَان يحمل العقيدة.. فَهِيَ تعالج مَوْضُوع العقيدة فِي المجال التاريخي الحركي، بَيْنَمَا عَالَجت سُورَة الْأَنْعَام - السَّابِقَة لَهَا مُبَاشرَة - ذَات الْمَوْضُوع، وَلَكِن فِي المجال التنظيري التقريري.. يَقُول سيد قطب - رَحمَه الله - عَن سُورَة الْأَعْرَاف: ((.. إِنَّهَا تعرضه (مَوْضُوع العقيدة) فِي مجَال التَّارِيخ البشري.. فِي مجَال رحْلَة البشرية كلهَا، مبتدئة بِالْجنَّةِ وَالْمَلَأ الْأَعْلَى، وعائدة إِلَى النقطة الَّتِي انْطَلَقت مِنْهَا. وَفِي هَذَا المدى المتطاول تعرض (موكب الْإِيمَان) من لدن آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - إِلَى مُحَمَّد - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام -.. تعرض هَذَا الموكب الْكَرِيم، يحمل هَذِه العقيدة، ويمضي بهَا على مدَار التَّارِيخ، يواجه بهَا البشرية جيلاً بعد جيل، وقبيلاً بعد قبيل، ويرسم سِيَاق السُّورَة فِي تتابعه كَيفَ اسْتقْبلت البشرية هَذَا الموكب وَمَا مَعَه من الْهدى؛ كَيفَ خاطبها هَذَا الموكب؟ وَكَيف جاوبته؟ وَكَيف وقف الْمَلأ مِنْهَا لهَذَا الموكب بالمرصاد؟ وَكَيف تخطى هَذَا الموكب أرصادها وَمضى فِي طَرِيقه إِلَى الله؟ وَكَيف كَانَت عَاقِبَة المكذبين وعاقبة الْمُؤمنِينَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة؟..

إِنَّهَا رحْلَة طَوِيلَة.. طَوِيلَة. وَلَكِن السُّورَة تقطعها مرحلةً مرحلةً، وتقف مِنْهَا عِنْد مُعظم المعالم البارزة، فِي الطَّرِيق المرسوم.. ملامحه وَاضِحَة، ومعالمه قَائِمَة، ومبدؤه مَعْلُوم، ونهايته مرسومة.. والبشرية تخطو فِيهِ بمجموعها الحاشدة، ثمَّ

<<  <   >  >>