للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

والسلام: «إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك» ، (١) فالطيرة شرك، وهي التي تقع في القلب، ويبني عليها المرء مضاء في الفعل، أو نكوصا عنه. فإذا خرج مثلا من بيته وهو ينوي سفرا، أو رحلة، أو ينوي القيام بصفقة تجارة، أو نحو ذلك، فحصل أمامه حادث، فهذا الحادث الذي حصل أمامه من تصادم سيارة، أو اعتداء من واحد على آخر، أو نحو ذلك، إن أوقع في قلبه شؤما، واستدل بهذا الحادث على أنه سيفشل في سفره أو في تجارته أو أنه سيصيبه مكروه في سفره، ورجع ولم يمض فقد حصل له التطير الشركي، أما إذا حصل ذلك في قلبه وحصل له نوع تشاؤم، ولكنه مضى وتوكل على الله، فهذا لا يكاد يسلم منه أحد، كما جاء في حديث ابن مسعود «وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل» (٢) كما سيأتي.

فهذه حقيقة التطير الشركي وضابطه، وتبين أن التطير عام ليس خاصا بالطير وحركاتها، وقد تقدم في " باب ما جاء في شيء من أنواع السحر " أن العيافة متعلقة بالطير كما فسرها عوف الأعرابي بقوله: العيافة زجر الطير، فهي متعلقة بالطير من حيث إنه يحرك الطير ويزجره حتى ينظر أين يتحرك، وأما الطيرة فهي أن يتشاءم أو يتفاءل ويمضي أو يرجع بحركة تحصل أمامه ولو لم يزجر أو يفعل، أو بشيء يحصل أمامه، إما من الطير أو من غيره.

قوله " باب ما جاء في التطير"، يعني: من أنه شرك بالله- جل وعلا- إذا أمضى أو رجع، وكفارة التطير إذا وقع في القلب، ونحو ذلك من الأحكام.


(١) أخرجه أحمد ١ / ٢١٣.
(٢) أخرجه أحمد ١ / ٣٨٩، ٤٣٨، ٤٤٠ وأبو داود (٣٩١٠) والترمذي (١٦١٤) .

<<  <   >  >>