للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَلِكِ سَنْجَرَ إِلَى ابْنِ أَخِيهِ يَسْتَحِثُّهُ عَلَى الْإِحْسَانِ إِلَى الْخَلِيفَةِ، وَأَنْ يُبَادِرَ إِلَى سُرْعَةِ رَدِّهِ إِلَى وَطَنِهِ، وَأَرْسَلَ مَعَ الرُّسُلِ جَيْشًا لِيَكُونُوا فِي خِدْمَةِ الْخَلِيفَةِ إِلَى بَغْدَادَ فَصَحِبَ الْجَيْشَ عَشَرَةٌ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ، فَقِيلَ: مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ، وَقِيلَ: بَلْ كَانُوا مُجَهَّزِينَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. إِلَّا أَنَّهُمْ حَالَةَ وُصُولِهِمْ إِلَى هُنَالِكَ حَمَلُوا عَلَى الْخَلِيفَةِ فِي خَيْمَتِهِ، فَقَتَلُوهُ فِيهَا وَقَطَّعُوهُ قِطَعًا، فَلَمْ يَلْحَقِ النَّاسُ مِنْهُ إِلَّا الرُّسُومَ، وَقَتَلُوا مَعَهُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُكَيْنَةَ فَأُخِذَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ فَأُحْرِقُوا قَبَّحَهُمُ اللَّهُ، وَسَارَتْ بِذَلِكَ الرُّكْبَانُ فِي الْبُلْدَانِ فَمَا مِنْ أَهْلِ بَلْدَةٍ إِلَّا وَهُمْ أَشَدُّ حُزْنًا عَلَى الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَرْشِدِ مِنَ الْأُخْرَى لَا سِيَّمَا أَهْلَ بَغْدَادَ وَخَرَجَتِ النِّسَاءُ فِي الطُّرُقَاتِ يَنُحْنَ عَلَيْهِ وَيَنْدُبْنَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَا كُنَّ يَقُلْنَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْخَلِيفَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ مَقْتَلُهُ عَلَى بَابِ مَرَاغَةَ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْقَعْدَةِ فَحُمِلَ إِلَى بَغْدَادَ وَلَمَّا اسْتَقَرَّ خَبَرُ مَوْتِهِ بِبَغْدَادَ عُمِلَ لَهُ الْعَزَاءُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَمَا بُويِعَ لِوَلَدِهِ الرَّاشِدِ.

ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ تَرْجَمَةِ الْمُسْتَرْشِدِ رَحِمَهُ اللَّهُ

كَانَ الْمُسْتَرْشِدُ شُجَاعًا مِقْدَامًا بَعِيدَ الْهِمَّةِ، فَصِيحًا بَلِيغًا عَذْبَ الْكَلَامِ حَسَنَ الْإِيرَادِ مَلِيحَ الْخَطِّ، كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، مُحَبَّبًا إِلَى الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَهُوَ آخِرُ خَلِيفَةٍ رُئِيَ خَطِيبًا، قُتِلَ وَعُمْرُهُ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ مُدَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>